علوم
13 حزيران 2022, 12:15

أين يبدأ الفضاء؟

تيلي لوميار/ نورسات
تساؤل مثير يطرح العديد من الأسئلة منها: أين ينتهي الغلاف الجوي للأرض بالفعل؟ وما هو "خط كارمان"؟

عندما يتسلق المغامرون جبل إيفرست، فإنهم يحملون بشكل روتيني أسطوانات الأوكسجين، وهي أجهزة تسمح لهم بالتنفس بحرية على ارتفاعات عالية. هذا الأمر ضروري لأنه كلما اقتربت من حافة الغلاف الجوي للأرض، قل الأوكسجين المتاح مقارنة بالكميات الوفيرة الموجودة عند مستوى سطح البحر. هذا مجرد مثال واحد على مدى تغير الغلاف الجوي للأرض ويعرض التركيب الأولي لطبقاته، من طبقة التروبوسفير، بالقرب من مستوى سطح البحر، إلى الغلاف الخارجي، في مناطقه الخارجية. يتم تحديد المكان الذي تنتهي فيه كل طبقة وتبدأ من خلال أربع سمات رئيسة، هي تغير درجة الحرارة، والتركيب الكيميائي، والكثافة، وحركة الغازات داخلها.

هنا يثار تساؤل أين ينتهي الغلاف الجوي للأرض بالفعل؟ وأين يبدأ الفضاء؟ تلعب كل طبقة من طبقات الغلاف الجوي دورًا في ضمان قدرة كوكبنا على استضافة جميع أنماط الحياة، والقيام بكل شيء بدءًا من منع الإشعاع الكوني المسبب لمرض السرطان وحتى خلق الضغط المطلوب لإنتاج الماء، وفقًا لوكالة ناسا. تقول "كاترينا بوسرت"، عالمة فيزياء الفضاء لدى "جامعة ولاية أريزوناك": "كلما ابتعدت عن الأرض، يصبح الغلاف الجوي أقل كثافة، ويتغير التركيب أيضًا، وتبدأ الذرات والجزيئات الأخف في الهيمنة، بينما تظل الجزيئات الثقيلة أقرب إلى سطح الأرض". وكلما تحركت في الغلاف الجوي ، يضعف الضغط أو وزن الغلاف الجوي فوقك بسرعة. على الرغم من أن الطائرات تحتوي على كبائن مضغوطة، إلا أن التغيرات السريعة في الارتفاع يمكن أن تؤثر على قناتي "استاكيوس" النحيفة التي تربط الأذن بالأنف والحنجرة. يوضح "ماثيو إيجل"، الأستاذ المساعد في علوم الغلاف الجوي بـ"جامعة كاليفورنيا، ديفيس"، أن هذا هو السبب في طنين الاذن الذي تشعر به أثناء الإقلاع على متن طائرة. في النهاية، يصبح الهواء رقيقًا جدًا بحيث لا تستطيع الطائرات التقليدية الطيران على الإطلاق، مع عدم قدرة هذه المركبة على توليد قوة رفع كافية. وهذه هي المنطقة التي قرر العلماء أنها تمثل نهاية غلافنا الجوي، وبداية الفضاء.

تُعرف هذه المنطقة باسم "خط كارمان"، تيمنًا باسم "تيودور فون كارمان"، الفيزيائي الأميركي المجري الذي أصبح في عام 1957 أول شخص يحاول تحديد الحدود بين الأرض والفضاء الخارجي. هذا الخط، نظرًا لأنه يمثل الحد الفاصل بين الأرض والفضاء، لا يشير فقط إلى مكان حدود الطائرة، ولكنه أيضًا مهم للعلماء والمهندسين عند اكتشاف كيفية الاحتفاظ بالمركبة الفضائية والأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض. وتشير بوسرت، إلى أن خط كارمان هو منطقة تقريبية تشير إلى الارتفاع الذي ستتمكن الأقمار الصناعية فوقه من الدوران حول الأرض دون الاحتراق أو السقوط من المدار قبل الدوران حول الأرض مرة واحدة على الأقل. ويعلق إيجل:" إن خط كارمان يتم تعريفه عادة على أنه 100 كيلومتر فوق سطح الأرض".

من الممكن أن يدور شيء ما حول الأرض على ارتفاعات أقل من خط كارمان، لكن ذلك يتطلب سرعة مدارية عالية للغاية، والتي سيكون من الصعب الحفاظ عليها بسبب الاحتكاك. تلعب عوامل مختلفة، مثل حجم القمر الصناعي وشكله، دورًا في تحديد مقدار مقاومة الهواء التي سيواجهها، وبالتالي قدرته على الدوران حول الأرض بنجاح، وفقًا لبوسرت. وتوضح بوسرت أن الغلاف الجوي لا يختفي بمجرد دخولك المنطقة التي تدور فيها الأقمار الصناعية، إنه على بعد آلاف الكيلومترات قبل زوال الدليل على الغلاف الجوي للأرض. وأنه في حال وصول شخص إلى خط كارمان فإنه لن يلاحظ أي شيء؟ ولن يكون مدرك أنه كان، في الأساس، متداخل على الحدود بين الأرض والفضاء؟ وبحسب إيجل فإن هذا الخط ليس ماديًا في حد ذاته ولذا لن يلاحظ المرء عبوره خاصة وأنه ليس له أي سمك.

ماذا عن القدرة على البقاء -ولو لفترة وجيزة- في خط كارمان؟ ماذا لو سقطت هناك بدون بذلة فضاء مخصصة أو خزان أوكسجين على غرار تسلق الجبال؟ إذا تمكنت من الوصول إليه، فهل ستكون قادرًا على التنفس على مثل هذا الارتفاع العالي؟ وهل يمكن أن تصل الطيور إلى مثل هذه المرتفعات؟ يجيب إيجل: "من حيث المبدأ، لا يزال الطيران ممكنًا حتى خط كارمان، ولكن من الناحية العملية، لا يمكن للحيوانات البقاء على قيد الحياة على ارتفاعات أعلى من حد أرمسترونغ، الذي يبلغ حوالى 20 كيلومترًا فوق السطح، حيث يكون الضغظ منخفض جدًا.

 

المصدر:National Geographic