أوزا يتحدّث في الدّورة الـ 52 للجنة الأمم المتّحدة للسكّان والتنمية، ماذا قال؟
"أُريدُ أن أؤكّد لكم أهميّة المؤتمر الذي عُقد 25 سنة مضت في فهم العالم لعلاقة التّرابط بين السّكان والتّنمية، وأذكّركم في هذا السّياق باعتراف المؤتمر بالعائلة القائمة على الزّواج كوحدة أساسيّة في المجتمع يجب منحها الدّعم والحماية، وأيضًا بالاهتمام بتحسين وضع المرأة في العالم، وخاصّةً فيما يتعلّق بالصّحّة ومشاركتها الكاملة والمتساوية في التّنمية، وكذلك ظاهرة الهجرة الآخذة في النّموّ وتأثيرها على التّنمية. ومنذ ذلك المؤتمر أصبحت التّنمية، ولا تزال الإطار الملائم لمناقشة المجتمع الدّوليّ للقضايا المتعلّقة بالسّكان، وفي هذا الإطار، تمّ التّطرُّق إلى مواضيع مختلفة ومن بينها الحياة. وإنّ الانطلاق من رؤية محورها الحقوق الفرديّة فيما يتعلّق بالجنس والإنجاب يغير الرّؤية التي يُفترض أن تنطلق منها الحكومات والهيئات الدّوليّة.
وإنّ الحديث عن تضمُّن الصحّة الإنجابيّة الحقّ في الإجهاض يُشكّل انتهاكًا للّغة المؤتمر الدّوليّ للسّكان والتّنمية محور النّقاش، وتعارضًا مع المعايير الأخلاقيّة والقانونيّة للتّشريعات المحليّة، كما أنّ هذا يُحدِث انقسامًا في الجهود الرّامية إلى الرّدّ على الاحتياجات الفعليّة للأمّهات والأطفال، وخاصّةً الذين لم يولدوا بعد.
ومن جهة أخرى، إنّ الاهتمام بالحياة لا يمكن أن ينفصل عن الاهتمام بخير العائلة، وعلى الحكومات والمجتمعات بالتّالي دعم سياسات اجتماعيّة تشكِّل العائلة محورها الأساسيّ، وأنّ تساعد العائلة بموارد ملائمة ووسائل دعم فعّالة، وذلك لتربية الأطفال والعناية بالمسّنين وتقوية العلاقات بين الأجيال.
أمّا الرّباط بين الهجرة والتّنمية، وهو موضوع اهتمّ به مؤتمر القاهرة 25 سنة، وإنّه ومنذ المؤتمر المذكور قد زاد بشكل واضح العمل والتّعاون والسّياسات العمليّة في هذا المجال، وصولًا إلى اتّفاق الأمم المتّحدة الأخير حول هجرة آمنة ومنظّمة ونظاميّة. فالهجرة ظاهرة مركّبة ترتبط بالتّنمية والفقر، وأيضًا بالأمن المالي والصّحّيّ، كما أذكر أحكام مسبقة سلبيّة تُستغلّ لتشجيع سياسات تُلحِق الضّرر بحقوق المهاجرين وكرامتهم، هذا إلى جانب كون المهاجرين، وخاصّةً الأطفال والنّساء، ضحايا الاتجار بالبشر؛ وهذه كلّها مواضيع تستدعي اهتمامًا خاصًّا حين نتحدّث عن السّكان والتّنمية.
أمّا موضوع البيئة المرتبط بدوره بالسّكان والتّنمية، فإنّ النّموّ السّكانيّ يحمَّل غالبًا مسؤوليّة المشاكل البيئيّة إلّا أنّ الأمر أكثر تعقيدًا. وهنا لا بدّ أن أتحدّث عن الاستهلاكيّة المُبالغ فيها واللّامساواة المتزايدة، استغلال البيئة الطّبيعيّة وغياب رقابة على الصّناعة باعتبارها عوامل تُهدّد البيئة. وأُذكّركم في هذا السّياق بدعوة البابا فرنسيس في الرّسالة العامّة "كن مسبَّحًا" إلى ارتداد إيكولوجيّ، ما يعني أسلوب حياة أكثر اعتدالًا، استهلاكًا أكثر مسؤوليّة، ووعيًا أكبر في استخدام موارد العالم.
ومن الضّروري تقييم تبعات ما يُقترح من استراتيجيّات وتوصيات لبرنامج عمل طويل المدى للمؤتمر الدّوليّ للسّكان والتّنمية على الأجيال الحاليّة والقادمة، كما وأدعوكم إلى التّأمُّل الجدّي في مواضيع مثل الحياة والعائلة والتّنمية الماديّة والأخلاقيّة للمجتمع. وأُؤكّد استعداد الكرسيّ الرّسولي لتقديم إسهامه من أجل التّوصُّل إلى طرق لبناء عالم يتميّز بالمساواة والأخوّة والسّلام."