متفرّقات
20 أيلول 2022, 07:20

أنطونيو غوتيريش: التعليم يمر بأزمة عميقة وحان الوقت الآن لتغيير الأنظمة التعليمية

الأمم المتّحدة
قال الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش إن التعليم يمر بأزمة عميقة، مؤكدا أن الوقت قد حان لإحداث تغيير في أنظمة التعليم.

وتحدّث الأمين العام في الجلسة الافتتاحية لفعاليات اليوم الثالث والأخير لقمة تحويل التعليم (يوم القادة).

وأضاف الأمين العام أن التعليم وبدلا من أن يكون عاملا تمكينيا عظيما، يصبح، وبصورة سريعة، حاجزا كبيرا، مشيرا إلى أن حوالي 70 في المائة من الأطفال في سن العاشرة في البلدان الفقيرة لا يستطيعون قراءة نص بسيط، "إما أنهم خارج المدرسة أو في المدرسة ولكنهم بالكاد يتعلمون". 

وحتى في البلدان المتقدمة، يبين الأمين العام أن أنظمة التعليم غالبا ما ترسخ اللامساواة بدلا من الحد منها، وتعيد إنتاجها عبر الأجيال. ومضى قائلا:

"يتمتع الأغنياء بإمكانية الوصول إلى أفضل الموارد والمدارس والجامعات، مما يؤدي إلى حصولهم على أفضل الوظائف، بينما يواجه الفقراء - وخاصة الفتيات - عقبات كبيرة في اكتساب المؤهلات التي يمكن أن تغير حياتهم. يواجه النازحون والطلاب ذوو الإعاقة أكبر العقبات على الإطلاق".

أنظمة التعليم تساهم في "إفشال الطلاب"

وأوضح الأمين العام أن جائحة كـوفيد-19 ألقت بتأثير مدمر على التعلم في جميع أنحاء العالم، ووجهت ضربة قوية للتقدم في تحقيق الهدف الرابع من أهـداف التنمية المستدامة.

لكنه قال إن أزمة التعليم بدأت منذ وقت طويل - وأصبحت أعمق بكثير.

وفقا لتقرير صادر عن اللجنة الدولية المعنية بمستقبل التعليم، تساهم أنظمة التعليم في إفشال الطلاب والمجتمعات لأنها تفضل التعلم عن ظهر قلب والمنافسة على الدرجات.

"في كثير من الأحيان، تكون المناهج بالية ومحدودة ولا تأخذ في الحسبان التعلم مدى الحياة. المعلمون غير مدربين، ولا يحظون بالتقدير المناسب، ويتقاضون رواتب منخفضة أقل مما يستحقون. وتعاقب الفجوة الرقمية الطلاب الفقراء. وتتسع فجوة تمويل التعليم أكثر من أي وقت مضى".

وأكد الأمين العام قبل كل شيء، على أهمية أن يدعم التعليم الجيد تنمية الفرد المتعلم طوال حياته أو حياتها. ويجب أن يساعد الناس على تعلم كيفية التعلم، مع التركيز على حل المشكلات والتعاون. وتابع قائلا:

"يجب أن يوفر أسس التعلم، من القراءة والكتابة والرياضيات إلى المهارات العلمية والرقمية والاجتماعية والعاطفية. يجب أن يطور أيضا قدرة الطلاب على التكيف مع عالم العمل سريع التغير. يجب أن يكون في متناول الجميع من المراحل الأولى وطوال حياتهم. ويجب أن يساعدنا على تعلم العيش والعمل معا، وفهم أنفسنا ومسؤولياتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه كوكبنا".

خمسة مجالات للعمل

ولتطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع، سلط الأمين العام الضوء على خمسة مجالات:

أولا، يجب علينا حماية الحق في التعليم الجيد للجميع، وخاصة الفتيات. في كل مكان.

"يجب أن تكون المدارس مفتوحة للجميع بدون تمييز. يجب أن نستعيد سنوات التعليم التي فقدناها حول العالم بسبب الجائحة".

ثانيا، المعلمون هم شريان الحياة لأنظمة التعليم.

"نحن بحاجة إلى تركيز جديد على أدوارهم ومهاراتهم. يحتاج معلمو اليوم إلى أن يكونوا ميسرين في الفصل، يعززون التعلم بدلا من مجرد نقل الإجابات. نحتاج أيضا إلى معالجة النقص العالمي في المعلمين، والنظر في تعزيز جودتهم، من خلال رفع مكانتهم وضمان حصولهم على ظروف عمل لائقة وتدريب مستمر وفرص تعليمية، وتلقي رواتب مناسبة".

ثالثا، يجب أن تصبح المدارس أماكن آمنة وصحية، حيث لا مكان للعنف أو الوصم أو الترهيب.

رابعا، يجب أن تفيد الثورة الرقمية جميع المتعلمين.

خامسا، التمويل.

"لن يكون أي من هذا ممكنا بدون زيادة تمويل التعليم والتضامن العالمي. خلال هذه الأوقات الصعبة، أحث جميع البلدان على حماية ميزانيات التعليم والتأكد من أن يترجم الإنفاق على التعليم إلى زيادات تدريجية في الموارد لكل طالب ونتائج تعليمية أفضل. يجب أن يكون تمويل التعليم الأولوية الأولى للحكومات. إنه أهم استثمار منفرد يمكن لأي بلد أن يقوم به في شعبه ومستقبله".

مرفق التمويل الدولي

وحث الأمين العام المؤسسات المالية الدولية على الاعتماد على مرفق التمويل الدولي المعني بالتعليم، مشيرا إلى أن هذا المرفق هو أداة جديدة تهدف إلى حشد 10 مليارات دولار لمساعدة 700 مليون طفل في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض للحصول على تعليم جيد.

وقال الأمين العام إن قمة تحويل التعليم ستحقق أهدافها العالمية فقط من خلال تعبئة حركة عالمية تضم الحكومات والشباب والمجتمع المدني والمعلمين وقادة الأعمال والخيريين.

"خسارة كبيرة للقدرات البشرية والابتكار والإبداع"

كما تحدثت أيضا رئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، السفيرة لاشيزارا ستويفا، قائلة إن أزمة التعليم التي نواجهها هي أزمة "مساواة وشمول وجودة".

وحذرت من أن الملايين من الأطفال وخاصة الفتيات يمكن أن يجبروا على وقف متابعة التعليم الذي يقود لمستقبل أفضل. "لا يمثل هذا الأمر ظلما فحسب، بل هو خسارة كبيرة للقدرات البشرية والابتكار والإبداع".

وأكدت أن تحويل التعليم ضروري في سبيل التقدم ومضت قائلة:

"إذا أردنا أن نفي بتحقيق رؤية جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030 علينا أن ندرك أن الهدف الرابع.... ليس هدفا وإنما وسيلة لتحقيق بقية الأهداف الـ 17".

لن يكون هناك تنمية أو سلام بدون تعليم

أما مديرة اليونسكو، السيدة أودري أزولاي فقد أكدت أن التعليم غير حياة أفراد ومجتمعات وأمما، مشددة على أنه لن يكون هناك تنمية أو سلام بدون تعليم. وقالت إن اليونسكو ومنذ إنشائها عملت مع الدول الأعضاء لضمان وتنفيذ هذا الحق.

وشددت على ضرورة ألا يكون التعليم جامدا أو غير ملائم في سبيل تلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين.

وأشارت إلى أن التعليم ولكي يكون مناسبا فلا بد من أن يتم تكييفه مع عالمنا وقرننا بهدف تدريب مواطني الغد، مؤكدة أن هذا الأمر ظل في صميم عمل اليونسكو.

"لا تسمحوا لبلدنا أن تكون مقبرة لأحلامنا وآمالنا"

كما تحدثت سفيرة للنوايا الحسنة لليونيسف، الناشطة المناخية، فانيسا ناكاتي، وسلطت الضوء على العقبات التي تحول دون تلقي الفتيات- خاصة في أفريقيا- التعليم.

وقالت إن مهمة العديد من الفتيات في الفترة الصباحية هي جلب المياه لأمهاتهن، مشيرة إلى أنه مع تغير المناخ تضطر الفتيات إلى السير لمسافات أطول في سبيل جلب المياه، الأمر الذي يجبرهن في نهاية المطاف على ترك التعليم.

وأكدت أن اتخاذ إجراءات مناخية يساعد الفتيات على البقاء في المدارس.

كما تحدثت أليسيفياتا بيرسيفينيتش وهي تلميذة أوكرانية، قائلة إنه كلما تعلم عدد أكبر من الناس كانت هناك حروب ومشاكل أقل في العالم، وأضافت:

"غالبا ما يجد اللاجئون الذين يفرون من بلادهم بسبب الحرب أنفسهم في أوضاع مالية صعبة، وهذا يجعل عملية التعليم بالنسبة لهم مستحيلة. كل أصدقائي وأهلي لا يزالون في أوكرانيا وهم خائفون ومنصدمون. ورغم اشتداد الحرب في بلدهم إلا أنهم ينوون مواصلة تعليمهم آملين في الحصول على تعليم أفضل".

تحدثت أيضا سمية فاروقي وهي طالبة أفغانية قائلة إنها كانت تجلس في الفصل الدراسي قبل عام وكانت متفائلة بالمستقبل، وكانت متحمسة لإنهاء سنتها الأخيرة في المدرسة الثانوية.

وباعتبارها إحدى عضوات فريق (الحالمات الأفغانيات)- وهو فريق من الفتيات متخصص في صناعة الروبوتات- قالت سمية إنها كانت تقضي أيامها في صناعة الروبوتات والتعلم وعندما لا تكون في المدرسة فإنها تسافر إلى مناطق متفرقة من العالم مع فريقها للمنافسة في المسابقات العالمية المتعلقة بصناعة الروبوتات.

ولكن سمية قالت إن كل هذا تغير مع تسلم طالبان زمام السلطة في أفغانستان وإغلاقها مدارس الفتيات في البلاد.

"بينما كان إخواننا في مقاعد الدراسة، أجبرت أنا والملايين من الفتيات الأفغانيات على تأجيل تعليمنا. تسعى طالبان إلى محو وجودنا في المجتمع. الآلاف من الفتيات ربما لن يعدن إلى مقاعد الدراسة".

ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على طالبان لإعادة فتح المدارس وحماية حقوقهن:

"لو أنكم تعتقدون بأن الفتيات الأفغانيات يستحْقِقن حقهن في التعلم، فعليكم ألا تسمحوا بأن نقع أنا وأخواتي الأفغانيات ضحايا للسياسة العالمية. لا تسمحوا لبلدنا أن تكون مقبرة لأحلامنا وآمالنا".

ملالا يوسفزاي: لو أنكم جادون في خلق مستقبل آمن ومستدام للأطفال، فعليكم أن تكونوا جادين بشأن التعليم

تحدثت في الفعالية أيضا ملالا يوسفزاي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام ورسولة الأمم المتحدة للسلام، التي عرفها العالم عقب نجاتها من محاولة اغتيال نفذتها حركة طالبان أثناء قيام الشابة بحملة لتعليم الفتيات في موطنها باكستان، حيث قالت:

"قبل سبعة أعوام وقفت في هذه المنصة (منصة الجمعية العامة) آملة في أن يتم سماع صوت فتاة مراهقة تلقت رصاصة في سبيل الدفاع عن تعليمها. في ذلك الوقت تعهدنا جميعا بأن نرى كل طفل في مقاعد الدراسة بحلول 2023، ولكن في منتصف الطريق إلى الموعد المحدد نحن نواجه حالة طوارئ تعليمية".

وقالت إن طالبان حرمت الفتيات من تعليمهن وفي باكستان يعبث الجفاف والفيضانات بالمنازل. فيما يتسبب الصراع في إثيوبيا وأوكرانيا ودول أخرى في إبقاء الفتيات بعيدا عن مقاعد الدراسة. وأضافت:

"معظمكم يدرك ما يتعين فعله بالضبط. لو أنكم جادون في خلق مستقبل آمن ومستدام للأطفال، فعليكم أن تكونوا جادين بشأن التعليم. لقد سمعتم بما يكفي حول الطريقة التي يحول بها التعليم الحيوات ويقوي الاقتصادات ويخلق مجتمعات أكثر أمنا".

وتابعت قائلة: "لو أنكم في شك بشأن ما يعنيه التعليم لفتاة، اسألوها وهي ستخبركم".

حلقة نقاش حول ضرورة تحول التعليم

وفي ختام الجلسة الافتتاحية عقدت حلقة نقاش حول ضرورة تحويل التعليم، بمشاركة مديرة اليونيسف ومفوض اللاجئين إضافة إلى بعض رؤساء منظمات المجتمع مدني.

وتحدث المشاركون حول التعليم باعتباره أزمة مساواة وشمول وجودة، مشيرين إلى أن هذه الأزمة، التي غالبا ما تكون بطيئة وغير مرئية، لها تأثير مدمر على مستقبل الأطفال والشباب في جميع أنحاء العالم.

وأكدوا أن القمة توفر فرصة فريدة لرفع مستوى العمل والطموح والتضامن والحلول لاستعادة خسائر التعلم المرتبطة بالجائحة وزرع البذور لتحويل التعليم في عالم سريع التغير.