أمام البابا، كاهن عراقيّ يشهد للتّعايش السّلميّ في الموصل
"قداستكم، أيّها الهديّة العزيزة!
إنّ التّعايش السّلميّ في مدينة الموصل ليست مجرّد شعارات، بل مواقف حبّ عميقة وسلام حقيقيّ عشتها مع إخواني المسلمين في هذه المدينة المنكوبة. أودّ أن أشارككم هذه التّجربة، قداستكم.
عدت إلى الموصل قبل ثلاث سنوات بعد تحرير المدينة. لقد استقبلني إخواني المسلمون باحترام ومحبّة فائقين. لقد تركت زيارات أئمّة مسجد الموصل لنقل تمنيّاتهم إلى الكنيسة أثرًا عميقًا في قلبي. ثمّ زارني جميع المسلمين في المدينة، بمن فيهم الكتّاب وزعماء العشائر والمتعلّمين كعمّال بسطاء، لتهنئتي بمناسبة ترميم كنيسة البشارة الّتي دمّرها تنظيم داعش.
بالإضافة إلى ذلك، يشارك الجميع في القدّاس والصّلوات كلّ يوم أحد. علمًا أنّ الرّسّام الّذي رسم اللّوحات الجداريّة في الكنيسة ونحت التّماثيل وصنع نقوش آيات الإنجيل هو مسلم، من عائلات الموصل الأصليّة. مثال آخر هو الدّعوة إلى حفل ولادة النّبيّ محمّد في مسجد رشان: إنّها المرّة الأولى الّتي يُدعى فيها كاهن للمشاركة في مثل هذا الاحتفال في مسجد. تجدر الإشارة إلى أنّه في المسجد نفسه، قرأ داعش وثيقة طرد المسيحيّين في عام 2014. وأيضًا في المسجد نفسه، كرّموني بتذكار خلال الحفل.
غادرت المدينة في 10 حزيران 2014 مع رعيّة تضمّ 500 عائلة مسيحيّة. لقد هاجر الغالبيّة إلى الخارج، ويخشى الآخرون العودة. المسيحيّون هنا ليسوا أكثر من 70 عائلة، لكنّي اليوم أعيش حيث يوجد مليوني مسلم يدعونني الأب رائد، أعيش رسالتي معهم، أعمل مع لجنة عائلة الموصل لتعزيز مهمّة التّعايش السّلميّ.
قداستكم، تدرك عائلات الموصل الآن أهمّيّة الوجود المسيحيّ. إنّهم بحاجة إلى أن ينظر العالم كلّه إليهم ليحملوا رسالة السّلام الّتي دمّرها داعش من خلال أفعاله.
شكرًا لكم على وجودكم التّاريخيّ بيننا! باركنا، أيّها الآب الأقدس، حتّى نتمكّن من مواصلة إرساليّتنا".