أفرام الثّاني مار أندراوس بحّي مطرانًا نائبًا بطريركيًا للشّبيبة والتّنشئة المسيحيّة ومار أوكين القسّ مطرانًا سكرتيرًا بطريركيًا
خلال القدّاس، ألقى المطران الجديدان كلمة شكرا فيها الله على نعمة رئاسة الكهنوت، وتحدّثا عن دعوتهما ورؤيتهما لخدمتهما الأسقفيّة. كما شكرا البطريرك أفرام الثّاني وآباء المجمع المقدّس على ثقتهم، وشكرا عائلاتهما وجميع الأقرباء والأصدقاء الدّاعمين لهما في خدمتهما، سائلين من الجميع الصّلاة ليوفّقهما الله في خدمتهما الجديدة.
وفي تفاصيل الكلمتين، قال بحي:
"الدَّعوة
"أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ". (يشوع ١: ٩)
" ܗܳܐ ܦܰܩܶܕܬܳܟ̥. ܐܶܬ̥ܚܰܝܰܠ ܘܶܐܬ̥ܥܰܫܢ. ܠܳܐ ܬܶܕ݂ܚܰܠ. ܘܠܳܐ ܬܙܽܘܥ. ܡܶܛܽܠ ܕܥܰܡܳܟ̥ ܗܽܘ ܡܳܪܝܳܐ ܐܰܠܳܗܳܟ̥ ܐܰܬܰܪܕܳܐܙܶܠ ܐܰܢ̱ܬ."
(ܝܫܘܥ ܐ: ܛ) (ܝܫܘܥ 1: 9)
صاحب القداسة سيّدنا مار إغناطيوس أفرام الثّاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، الرّئيس الأعلى للكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم، الكلّيّ الطّوبى والجزيل البرّ، بارخمور:
أصحابَ النّيافة المطارنة الأحبار الأجلّاء، أعضاء المجمع الأنطاكيّ السّريانيّ الأرثوذكسيّ المقدّس الجزيلي الاحترام، بارخمور:
الكهنةُ الأعزّاءُ، الشّمامسةُ الموقّرون، أيّها المؤمنونَ الأحبّاء.
إنّه لموقفٌ مليءٌ بالرّعدةِ والهيبة.
موقفٌ أشعرُ فيه بأنَّ كلَّ خليّةٍ في جسمي، وكلَّ عظمٍ من عظامي؛ ترتجفُ مهابةً وخشوعًا.
لذلك:
سامحوني إن خانني التَّعبيرُ وتلعثمتِ الكلماتُ في فمي!
فالموقفُ أعظمُ من أن أقولَ فيه كلمةً، إذ أنا في حضرةِ اللهِ في هذه الكنيسة المقدّسة.
وأمثلُ أمامَكم يا صاحبَ القداسة وأمامَ آباء المجمع المقدّس وأمامَ هذا الجمع الكريم.
يقولُ داودُ النّبيّ:
"لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلّيَتيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي" (مزمور 139: 19).
لم تكن هذه الآية مميّزةً في حياتي حتّى بدأتُ أفكر بمعنى الدّعوة.
يحملُ الكتابُ المقدّس بين طيّاتِ أسفارهِ مفاهيمَ عديدةً للدّعوة أهمُّها الإرساليّة.
فالله لهُ كلّ المجد (يدعو ليُرسل)
فالدّعوة إذًا تبدأُ باختيار الله لنا، وتنتهي بتنفيذ أمرهِ الإلهيّ متسلّحينَ بكلِّ ما يُنعمهُ الله على مُختاريه ليصبحوا أهلًا لهذهِ الإرساليّة، كقولهِ لهُ المجد:
"لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي" (يوحنا 15: 16).
فكيف تنعَكِسُ دعوة الله في حياتي؟
إنّها تظهر جليّةً من خلال الاختبارات الحياتيّة الّتي اجتزتُها في الفترة ما قبل دخولي الدّير، وخلال تلمذتي في الإكليريكيّة الأفراميّة العزيزة. ثمَّ في الخدمةِ الكهنوتيّةِ في أماكنَ وثقافاتٍ مختلفة.
منذُ تَوَجُّهي نحو دير مار أفرام السّريانيّ في معرّة صيدنايا، وضعتُ نُصبَ عينيّ الصّلاةَ ركيزةً لحياتي الرّوحيّة، فقد كان قلبي يَتوقُ إليها، عَملًا بما جاء على لسان داود النّبيّ: "يَا رَبّ، عَلِّمْنِي أَنْ أَعْمَلَ رِضَاكَ". وبالتّالي كان انضمامي إلى قلب كنيستنا النّابض بدايةَ فَصلٍ جديدٍ من حياتي، دون أن أعرف وجهةَ سَفينتي ولا الميناء الّذي سترسو فيهِ. فأخذتِ الدّعوةُ تنمو وتزدهر في رحابِ الإكليريكيّة الّتي أُكِنُّ لها ولجميعِ القيّمينَ عليها كلَّ امتنانٍ وعُرفان. فهم مَن ساهمَ أوّلًا بزرعِ كلمةِ الله ومحبّةِ الكنيسة وطقوسِها في قلبي.
وأتذكّرُ في هذهِ اللّحظات سلفَكم الطّيّبَ الذّكر المثلّث الرّحمات مار إغناطيوس زكّا الأوّل عيواص الّذي شَجّعني على الانضمامِ إلى الرّهبنة فوشّحني بالاسكيم الرّهبانيّ. ثمَّ دعاني إلى نيلِ رتبةِ الكهنوت المقدّس بوضع يمينهِ المباركة على هامتي، فاستهلّيتُ مرحلةً جديدةً كانت خِلالها يدُ الله الخفيّةُ والأمينةُ تعمل على خَزْفِ هذا الإناء الضّعيف وجَعلهِ صالحًا للخدمة.
وكانَ الله يضع لُبنَةً جديدةً في حياتي وهي خدمة النّاس الّذين أرسلتني الكنيسةُ لأكونَ راعيًا لهم.
فامتدّتْ دعوتي وإرساليّتي لتصل إلى ساندييغو ورعايا مختلفة في أبرشيّة غربِ الولايات المتّحدة الأميركيّة، ثمَّ مصرَ، وبعدها أبرشيّة شرقِ الولايات المتّحدة الأميركيّة حيثُ تُوِّجَتْ خدمتي في رعيّة السّيّدة العذراء في نيوجرسي.
ولا يغيبُ عنّي أن أشكرَ جميعَ المطارنةِ والكهنةِ والمجالسَ والمؤمنين الذين كانوا وما زالوا دعمًا كبيرًا لي وسببًا رئيسيًّا في نجاح خدمتي الرّعويّة. لكم منّي كُلُّ الاحترام والتّقدير، واعدًا أن أحملَكم في صلاتي راجيًا أن تُبادلوني المِثل.
ولكنَ الشّكر الأكبر هو لِمَن وثِقَ بي. ودعاني إلى أن أنتقلَ من خدمة الرّعيّة إلى خدمةٍ أشمل في الكنيسة وهي مسؤوليّة خدمة الشّبيبة والتّنشئة المسيحيّة.
فاسمحوا لي أن أقدّم جزيلَ شكري لقداسة سيّدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثّاني صاحب الرّؤية الثّاقبة، الّذي يقود الكنيسة في مرحلةٍ صعبةٍ جدًّا لم تشهد مثيلَها من قبل، وهو يولي أهمّيّةً كبيرةً للشّبيبة الّذين يحتلّونَ مركزَ الصّدارة في قلبهِ وفي فكرهِ. فهو، منذُ عهدِ أسقفيّتهِ، ما بَرِحَ يدعم الشّبيبة الّذين هم قَلبُ الكنيسةِ النّابضُ وحاضِرُها ومُستَقبلِها، كما يُكرّرُ قداستهُ في كلِّ مناسبةٍ. وها أنا أحني هامتي متواضعًا أمامَ هذهِ المسؤوليّةِ الكُبرى طالبًا دعاءكم يا صاحب القداسة وجميعِ الإخوة المطارنة والإكليروس ليوفّقني الله في حَملِ هذهِ الوزنة وجعلها رابحةً.
أحبّائي الشّباب والشّابّات:
من هذا المنبر المقدّس، أبسطُ يديّ إلى جميع اللّجان والهيئات والمؤسّسات الشّبابيّة في كنيستنا وأنا على ثقة بأنَّ تعاونَنا سيقوّي رسالة كنيستنا في الشّهادة الحقيقيّة للمسيح، بالقول والفعل، عَبرَ نَشرِ التّعليم في كلِّ الوسائل المتاحة إذ أنَّ الشبابَ هم الأخبر في تحفيز الكنيسة على إعطاء أفضل ما عِندها فتروي ظمأ هذا العالم وعطشهِ الكبير إلى الرّوح.
ما أكبر تحدّيات هذا العصر، وما أقسى تجاربهُ، فالإيديولوجيّات الإلحاديّة تحاولُ الفَتكَ في جسد الكنيسة والاستحواذ على شبيبتها ممّا يجعل دورَنا أساسيًّا لتشجيعِ المؤمنين وتعليمِهم، عاملين بوصيّة مار بولس الرّسول إلى تلميذهِ تيموثاوس: "لا يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، وفِي التَّصَرُّفِ، وفِي الْمَحَبَّةِ، وفِي الرُّوحِ، وفِي الإِيمَانِ، وفِي الطَّهَارَةِ" (1 تيموثاوس 4: 12).
فلنسلُك إذن كما يليق بتلاميذ المسيح، فنحن مدعوّون إلى أن نعيشَ ونشهدَ للنّور في وسط العالم المظلم.
أتوجّهُ بالشّكر من صميمِ القلب إلى أصحابِ النّيافة المطارنة الأجلّاء أعضاء المجمع الأنطاكيّ السّريانيّ المقدّس الجزيلي الاحترام، كلٍّ باسمهِ لمنحِهم ثِقَتَهم لي وتأييد ترشيحِ صاحب القداسة لي لهذه الدّرجة السّامية. وأرجو أن تَشملوني بصلواتِكم.
أخصُّ بالشّكرِ أوّلَ مطرانٍ لدائرة خدمةِ الشّباب والتّنشئة المسيحيّة، الأخ الكبير مار أنتيموس جاك يعقوب، النّائب البطريركيّ في القدس والأردنّ وسائر الدّيار المقدّسة، الّذي عَمِلَ بِجَدّيّة ليبنيَ على الأساسِ المتينِ الّذي وَضعهُ قداسة سيّدنا البطريرك عند تأسيسِ هذهِ الدّائرة. وبمعاونة أصحابِ النّيافة وتضامِنهم ودعمهم بدأَ البُنيانُ يَرتفع ويتألّق لتزدهر الخدمة وتنمو وتُثمِر.
(نيافة الحبر الجليل سيّدنا جان):
وفي غمرةِ هذهِ الفرحة الرّوحيّة، لا بُدَّ من أن أُعبّرَ عن امتناني الكبير لنيافة الحَبرِ الجَليلِ مار ديونيسيوس جان قوّاق، النّائب البطريركيّ في شرقِ الولايات المتّحدة الأميركيّة، الّذي خَدمتُ تحتَ كَنَفِ رعايتِه أكثرَ من ستّ سنواتٍ كان خِلالها أخًا عزيزًا نلتجئ إليه وصديقًا يسنُدنا ومثالًا للرّاعي الأمين، أطال الله في عمركم يا سيّدنا واشملوني بمحبّتكم وصلواتكم.
سيّدنا جوزيف:
كما أشكر نيافة الحبر الجليل مار يوسف بالي الّذي وعلى الرّغم من قلّة الأيّام الّتي جمعتنا فيها دارُ البطريركيّة الجليلة، إلّا أنّك كنتَ دائمًا الأخ الذي لم يتوانَ في تقديم يد المساعدة، لكَ منّي كلُّ تقدير.
أصدقائي:
وأيضًا أشكرُ جميعَ الإخوة الكهنة والرّهبان والرّاهبات والشّمامسة الّذين تجشّموا عناءَ السّفر ليشاركوني هذهِ الفرحة الرّوحيّة. ولا أنسى الأهلَ والأقاربَ والأصدقاءَ، الحاضرين معنا والّذين لم يتمكّنوا من الحضور، مثمّنًا عاليًا محبّتكم الصّادقة. فأصلّي إلى الله أن يباركَكم.
عائلتي الصّغيرة:
فأمّا اللّذَين بدموعٍ سَهِرا على تربيتي، ورافقا خطواتي ووجّهاني نحو الكنيسة، فنشأتُ على حبِّ الله والصّلاةِ وخدمةِ القريب، أبي جورج وأمّي نجّومة، فلكما منّي كلّ المحبّة والامتنان والعرفان، لأنّني سأبقى ما حَييتُ قاصِرًا عن إيفائكُما تَعبَ محبّتكما لي ولإخوتي.
وأعدُكما بأنّني سأستمرّ بِذِكركما في صلاتي المتواضعة، ضارعًا إلى الله أن يُمتِّعكُما بصحّةٍ وعافيةٍ ويمدّ في عمرِكما لتبقيا كنيستي الصّغيرة.
ولا أنسى إخوتي وأخواتي وعائِلاتِهم الّذين معهم وبينهم اختبرتُ المعنى الحقيقيَّ للعائلة. بِكُمْ أفتخر ولكم منّي أخلص المحبّة وأحرّ الصّلوات، وفّقكم الله وبارككم في كلِّ حين.
وفي الختام:
أشكرُ الرّبَّ الإله الّذي بِنعمتهِ جعلني أهلًا للخِدمة، وإيّاهُ أسأل أن يَعضدَني لأتاجر بهذه الوزنة الجديدة بأمانةٍ، مؤكّدًا مع داود النّبيّ: "أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي" (مزمور 40).
أكرّرُ طلبي منكم جميعًا اذكروني في صلاتكم، وبارخمور."
أمّا المطران أوكين فقال في كلمته: "يقول القدّيس يعقوب السّروجيّ في مطلع ميمره عن المرأة السّامريّة:
ܢܶܒܥܳܐ ܕܰܚܝ̈ܶܐ ܕܰܪܕܳܐ ܠܘܬܰܢ ܡܶܢ ܥܶܠܝܳܐ؛ ܗܰܒ ܠܺܝ ܐܶܫܬܶܐ ܡܶܢ ܚܰܠܝܘܬܳܟ ܒܰܣܺܝܡܳܐܝܺܬ
ܬܗܽܘܡܳܐ ܕܪ̈ܰܚܡܶܐ ܕܓܳܚ ܡܶܢ ܐܰܒܳܐ ܥܰܠ ܐܰܪ̈ܥܳܬܰܢ؛ ܗܘܝ ܠܺܝ ܫܶܩܝܳܐ ܘܬܶܣܒܰܥ ܨܰܗܝܘܬܝ ܡܶܢ ܡܰܒܘܥܳܟ
يا نَبْعَ الحَياةِ المتدفّق نحونا مِنْ العَلِيِّ، اِمْنَحِي الاِرْتِواءَ مِنْ لَذَّةِ حَلاوَتِكَ،
يا بَحْرَ المَراحِمِ الفائض مِنْ الآبِ عَلَى أَراضِينا، كُنْ لِي ماءً فَيُرْوى ظَمَأِي مِنْ يَنْبُوعِكَ.
سَيِّدِي صاحِبَ القَداسَة،
مار إِغْناطْيُوس أَفْرام الثانِي الكُلِّيَّ الطُوبَى وَالجَزِيلَ البِرّ.
أَصْحابَ النِّيافَة الأَحْبار الأَجِلّاء السّامِي وَقارُهُمْ،
أَصْحابَ النِّيافَةِ وَالسِّيادَةِ مُمَثِّلي الطَوائِفِ الشَّقِيقَةِ،
الآباءَ الكَهَنَةَ وَالرُّهْبانَ الأَفاضِل،
الأَخَواتِ الرّاهِباتِ الفاضِلات،
أَحِبّائِي يا مَنْ أَتَيْتُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ لِتُشارِكُونا الفَرْحَةَ، أَيُّها الحُضُورُ الأَكارِمُ:
لَنْ أَقِفَ أَمامَكُمْ اليَوْمَ وَقْفَةَ الواعِظِ لِيَعِظَ مَنْ أَمامَهُ بِكَلامِ حَبِيبِ نَفْسِهِ وَسَيِّدِها يَسُوعَ، بَلْ أَقِفُ كَالظَمْآنِ أَمامَ سَيْلِ النِّعْمَةِ اللّامُتَناهِي مِنْ نَبْعِ العَطايا وَالمَواهِبِ المُتَدَفِّقِ مِنْ المَذْبَحِ النَّبْعِ المُقَدَّسِ وَالمُقَدِّس بِلا مِقْدار، لِأَرْوِيَ عَطَشِي مِنْ نِعْمَةِ الآب السَّماوِيّ، وَقُوَّةِ حُضُورِ المَسِيحِ يَسُوعَ وَسَطَ كَنِيسَتِهِ، وَعَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ فِيها وَمِنْ خِلالِها. تِلْكَ النِّعْمَةُ المُنْسَكِبَة مِنْ فَيْضِ مَحَبَّةِ اللّه لِلبَشَرِ مُتَمَلِّكَةً قُلُوبَهم، فَيصِيرُ مُقْتَبَلُها آلَةً حَيَّةً لِإِعْلانِ مَجْدِهِ القُدُّوسِ، فَيُولَدُ مِنْها وَفِيها: مُبَشِّرًا، مُعَلِّمًا، وَكارِزًا بِخَلاصِهِ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ.
لِسانُ حالِي يَصْرُخُ مَعَ بولس الرَسُول، قائِلاً "وَأَنا أَشْكُرُ المَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنا الَّذِي قَوّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِينًا، إِذْ جَعَلَنِي لِلخِدْمَةِ" ا تيموثاوس ١: ١٢.
كَمْ هِيَ عَظِيمَةٌ هٰذِهِ السّاعَةِ وَرَهِيبَة؛ إِذْ اقْتَبَلُ فِيها مَسْحَةَ الرُّوحِ القُدُس المُحْيِي لِأَصِيرَ خادِمًا لِبُشْرَى مَلَكُوتِ السَّماءِ، وَرَسُولاً لِاِسْمِ المَسِيحِ القُدُّوسِ؟
بِوَضْعِ يَمِينِكُمْ المُبارَكَةِ سَيِّدِي وَبِحُضُورِ هٰذا الجَمْعِ المُبارَك مِنْ أَصْحابِ النِّيافَةِ مُشارِكِيكُم الصَّلَواتِ لِأَجْل تَكْرِيسِي، أَنا الصَّغِير بَيْنَ الإخوَةِ.
تَأَمَّلْتُ كَثِيرًا عِظَمَ المَوْهِبَةِ وَالمَسْؤُولِيَّةِ المُلْقاةِ عَلَى عاتِقِي اليَوْمَ، لِذٰلِكَ كَلِمَتِي لَيْسَتْ سِوَى حَدِيثًا مَعَ الذّاتِ أُذَكِّرُ فِيه نَفْسِي الشَّقِيَّةَ بِعِظَمِ النِّعْمَةِ الَّتِي سُكِبَتْ عَلَيَّ أَنا الضَّعِيفَ.
مُنْذُ أوليتموني ثِقَتَكُمْ بِتَعْيِينِكُمْ إِيّايَ سكرتيرًا وَأَمِينَ سِرٍّ لِلبَطْرِيرْكِيَّةِ الجَلِيلَة، وَبَعْدَها رَشَّحْتُمُونِي لِنَيْلِ هٰذِهِ الرُّتْبَةِ السّامِيَةِ وَتَأْيِيدِ تَرْشِيحِكُمْ مِنْ أَغْلَبِيَّةِ آبائِي الأَحْبارِ الأَجِلّاءِ أَعْضاءِ المَجْمَعِ المُقَدَّسِ، فِي هٰذِهِ المَراحِلِ جَمِيعِها تَمَلَّكَتْنِي رَهْبَةٌ وَخَوْفٌ لَمْ أَشْعُرْ بِهِما مِنْ قَبْلُ، على وجه الخصوص عِنْدَما تَأَمَّلْتُ قَوْلَ الرَسُولِ بولس: "فَإِذْ نَحْنُ عامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لا تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللّٰهِ باطِلاً. لِأَنَّهُ يَقُولُ: "فِي وَقْتٍ مَقْبُولٍ سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاصٍ أَعَنْتُكَ". هُوَذا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذا الآنَ يَوْمُ خَلاصٍ" ٢ كورنثوس ٦: ١.
يَقُولُ الرَسُولُ "فَإِذْ نَحْنُ عامِلُونَ مَعَهُ"، مشيرًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ لَهُمْ أُعْطِيَت الدَّعْوَةُ إِلَى الحَياةِ الرَّسُولِيَّةِ أَيْ الدَّعْوَةُ إِلَى اِقْتِبالِ رِئاسَةِ الكَهَنُوتِ الشَّرِيفِ، الَّتِي هِيَ دَعْوَةٌ إِلَى الحَياةِ فِي المَسِيحِ وَكَما يَلِيقُ لِإِنْجِيلِهِ وَلِلخِدْمَةِ وَالعَمَلِ مَعَهُ. وَهُنا تَكْمُنُ الصُّعُوبَةُ، فَمَنْ أَنا لأُدعى رَسُولاً لِلمَسِيحِ وَخادِمًا مَعَهُ لِبُشْرَى مَلَكُوتِ السَّماءِ؟ وَكَيْفَ أُزَكِّي نَفْسِي أَمامَ فاحِصِ القُلُوبِ وَالكُلَى، العارِفِ بِضَعْفِي وَنَقائِصِي، وَلٰكِنَّ قُوَّتِي هيَ اِسْمُ يَسُوعَ المَسِيحِ الَّذِي يُعَزِّي وَيَشْفِي وَيَسْنِدُ وَيُرْشِدُ، وَاليَوْمَ نَلْمَسُ قُوَّةَ هٰذا الاِسْمِ بِالشِّفاءِ الَّذِي تَمَّمَهُ الرَّبُّ بِقُوَّةِ اِسْمِهِ القُدُّوسِ عَلَى يَدَيْ الرَّسُولَيْنِ بُطْرُسَ وَيُوحَنّا، بِقَوْلِهِما لِلمَفْلُوجِ بِاِسْمِ يَسُوع النّاصِرِيّ قُمْ واِمْشِ. فَلَيْسَ لِي اليَوْمَ سِوَى اِسْمُهُ القُدُّوسِ قُوَّتِي وَشِفائِي، وَعِزِّي وَتُرْسِي.
ها إِنَّنِي أَحْني هامَتِي أَمامَ المَذْبَحِ المقدّسِ مُقَدِّمًا قَلْبِي وَرُوحِي لِلمَسِيحِ إِلٰهِي مُسَلِّمًا حَياتِي لَهُ لِيَعْمَلَ بِي وَمِنْ خِلالِي ما يُرِيدُ، شاكِرًا إِيّاهُ عَلَى نِعَمِهِ الكَثِيرَةِ فِي حَياتِي الَّتِي لا تُحْصَى وَلا تُعَدُّ، لِكَيْ بِقُوَّتِهِ هُوَ، وَسَنَد رُوحِهِ القُدُّوسِ وَنِعْمَةِ أَبِيهِ أُتاجِرَ بِهٰذِهِ الوَزْنَةِ مُتاجَرَةَ الوُكَلاءِ الأُمَناءِ الحُكَماءِ.
أُجَدِّدُ شُكْرِي لِلّه الحَيِّ الَّذِي مِن نِعَمِهِ الكَثِيرَةِ فِي حَياتِي هِيَ خِدْمَةُ البطريرْكِيَّةِ الجَلِيلَةِ وَخِدْمَةُ آبائِها مِن البَطارِكَةِ العِظامِ المُبارَكِينَ.
فَكَيْفَ لِي أَنْ أَشْكُرَكُم سَيِّدِي وَأَنْتُم الأَبُ الَّذِي لَمَستُ مَحَبَّتَهُ مِنذ اليَوْمِ الأَوَّلِ لِتَوَلِّيكُم السُّدَّةَ البُطْرُسِيَّةَ بِكُلِّ ما قَدَّمتُمُوهُ وَأظْهَرتُمُوهُ مِن مَحَبَّةٍ لِضَعْفِي وَاِهْتِمامٍ عَلَى كافَّةِ الأَصْعِدَةِ، فَكانَ لَكُم دَوْرٌ مُهِمٌّ فِي تَنْشِئَتِي الكَهْنُوتِيَّةِ عَلَى الصَّعِيدِ الإِدارِيِّ مِنها وَالرَّعْوِيِّ أَيْضًا عِنْدَما أَعْطَيتُموني بَرَكَةً عَظِيمَةً وَهِيَ خِدْمَةُ هٰذا الشَّعْبِ السِّرْيانِيِّ المُؤْمِنِ الكَرِيمِ فِي النِّيابَةِ البطريركِيَّةِ لِشَرْقِيِّ الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْيرِكِيَّةِ، وَاليَوْمَ تَعْهَدُونَ إِلَيَّ خِدْمَةَ أَمانَةِ السِّرِّ فِي البطريرْكِيَّةِ ثِقَةً مِنكُم، لِذٰلِكَ شُكْرِي لَكُم هُوَ صَلاةٌ لِكَيْ يُعْطِيَكُم الرَّبُّ الإِلٰهُ عُمْرًا مَدِيدًا وَسِنِينَ عَدِيدَةً عَلَى رَأْسِ الكَنِيسَةِ المُقَدَّسَةِ مُكَلَّلَةً بِالصِّحَّةِ وَالعافِيَةِ، مُعاهِداً إِيّاكُم عَلَى الطّاعَةِ لِقَداسَتِكُم وَالعَمَلِ بِكُلِّ طاقَتِي حَسَبَ تَوجيهَاتِكُمْ الرَّسُولِيَّةِ وَالأَبَوِيَّةِ لِما فِيهِ خَيْرُ الكَنِيسَةِ المُقَدَّسَةِ.
أذكُرُ بِالرَّحْمَةِ سَلَفَكُم الطَّيِّبَ الذِّكَرِ المُثَلَّثَ الرَّحِماتِ مار إغناطيوس زَكّا الأَوَّلَ الَّذِي أَخَذَتُ بَرَكَةَ خِدْمَتِهِ وَرِضاهُ، وَالَّذِي تَعَلَّمْتُ مِنْهُ الكَثِيرَ، فَأَضْحَى ما تَنَسّمْتُهُ مِنْ عَبَقِهِ الرُّوحِيِّ زَوادَةً لِحَياتِي الكَهَنُوتِيَّة وَالرُوحِيَّة، طالِبًا صَلَواتِهِ وَتَضَرُّعاتِهِ لِضَعْفِي أَمامَ العَرْشِ السَّماوِيِّ.
أَتَقَدَّمُ بِالشُّكْرِ مِنْ أَصْحابِ النِّيافَةِ الأَحْبارِ الأَجِلّاءِ أَعْضاءِ المُجَمَّعِ المُقَدَّسِ، عَلَى مَنْحي ثِقَتَهُمْ.
وَأَخُصُّ بِالذِّكْرِ مِنهُم: نِيافَةَ الحِبْرِ الجَلِيلِ الحاضِرِ مَعَنا بِالرُّوحِ وَعَبْرَ شاشاتِ التِّلْفازِ مار سْوِيرْيوس حاوا، المُعَلِّمَ وَالمُرْشِدَ الَّذِي تَرَبّيْتُ فِي كَنَفِ أَبْرَشِيَّتِهِ العامِرَةِ بَغْدادَ وَالبَصْرَة، طالِبًا لَهُ مِن الرَّبِّ الإِلٰهِ الصِّحَّةَ وَالعافِيَةَ وَالعُمْرَ المَدِيدَ، وَأشْكُرُ مِنْ خِلالِهِ أَبْرَشِيَّةَ بَغْدادَ وَالبَصْرَةِ كَهَنَةً ومؤمنين عَلَى مَحَبَّتِهِمْ، ذاكِرًا بِالرَّحْمَةِ أَيْضًا الأَبَ الشَّهِيدَ يُوسُف عادِل عَبُّودِي مُرْشِدِي الرُّوحِي وَأَبَ اِعْتِرافِي طالِبًا صَلَواتِهِ لِأَجْلِي.
وَنِيافَةُ الحِبْرِ الجَلِيلِ مار ديونسيوس جان قُواق، المُعَلِّمُ وَالأَخُ الكَبِيرُ وَالمُحِبُّ الَّذِي كانَ لَهُ دَوْرٌ مُهِمٌّ فِي نَجاحِ خِدْمَتِي الرّعويّة، وَمِن خِلالِهِ أَشْكُرُ كُلَّ الرَّعايا الَّتِي خَدَمْتُها فِي أَبْرَشِيَّتِهِ العامِرَةِ، وَأَشْكُرُ جَمِيعَ الآباءِ الكَهَنَةِ فِيها وَبِالأَخَصِّ الَّذِين تَحَمَّلُوا عَناءَ السَّفَرِ: الأَبَ الخُورِي جوزيف وَالأَبَ الخُورِيّ يَعْقُوب مَعَ القادِمِينَ جَمِيعِهم مِن مُؤْمِنِي وَأَبْناءِ هٰذِهِ الأَبْرَشِيَّةِ العامِرَةِ لِمُشارَكَتِنا هٰذا الحَفْلَ الرُّوحِيَّ طالِبًا لَهُمْ جَمِيعًا دَوامَ الصِّحَّةِ وَالعافِيَةِ.
أَتَقَدَّمُ بِالمَحَبَّةِ وَالشُّكْرِ لإكليريكيّة مار أفرام السّريانيّ في معرّة صيدنايا بِشَخْصٍ مُدِيرِها فِي حِينِهِ نِيافَةَ الحِبْرِ الجَلِيلِ مار فيلكسينوس مِتَّياس نايْش وَجَمِيعِ الآباءِ الرُّهْبانِ وَالأَساتِذَةِ الَّذِينَ تَعِبُوا مَعِي وَعَلَّمُونِي، وطالبًا للقائمين عليها اليومَ بشخصِ صاحبِ النّيافةِ الحبر الجليل مار يعقوب باباوي دوامَ النّجاح.
وَأشْكُرُ صاحِبي النِّيافَةِ الحبرين الجليلين مار تيموثاوس مُوسَى الشَّمّانِي وَمار تيموثاوس مَتَى الخُورِي لِمَحَبَّتِهِما ولمرافقتهما لي اليوم كعَرّابيْن فِي هٰذا الحَفْلِ الرُّوحِيِّ.
وَأَتَقَدَّمُ أَيْضًا بِالشُّكْرِ مِنْ أَصْحابِ النِّيافة الأحبار الأجلّاء
مار إقلِيميس دانْيال كُورِيَّة عَلَى أَتْعابِهِ مَعَنا في التّحضير لهذا الحفل،
وَمار يُوسِف بالِي الصّديق والأخ الّذي لم تنجبه لي أمّي على جميع أتعابه في التَّحْضِيرِ لِهٰذا الحَفْلِ وعلى محبّته وأخوّته الّتي أعتزّ بها.
وَأَشْكُرُ الأَخَواتِ الرّاهِباتِ وَجميعَ المُنَظِّمِينَ كُلًّا بِاِسْمِهِ، وَقَناةَ سوبورو تِي فِي الفَضائِيَّة.
كَما أَشْكُرُ جَمِيعَ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا عَناءَ السَّفَرِ عائِلَتِي وَأَهْلِي وَأَصْدِقائِي وَأَحِبّائِي القادِمِينَ مِن أَمْرِيكا وَأوربا وأستراليا وَالهِنْدِ وَالعِراقِ وَسُورْيا وَالأُرْدُنِّ وَالدِّيارِ المُقَدَّسَةِ وَمِصْرَ كُلًّا بِاِسْمِهِ.
إسْمَحُوا لِي سَيِّدِي أَنْ أَذْكُرَ بِالرَّحْمَةِ أَجْدادِي الَّذِينَ خَدَمُوا هٰذِهِ الكَنِيسَةَ وَمَذْبَحَها المُقَدَّسَ لِما يُقارِبُ الأَرْبَعَمِائَةِ عام اِبْتِداءً مَنْ تَكْرِيتِ السُّرْيانِيَّةِ، وَمِنْها إِلَى قَرْيَةِ بَحْزانِي المُبارَكَة وَكَنِيسَتِها مار كُورْكِيس الَّتِي أَفْخَرُ بِاِنْتِمائِي إِلَيْها، وَالَّتِي أَعْطَتْ لِلكَنِيسَة خُدّامًا وَكَهَنَةً كَثِيرِينَ، أَخُصُّ بِالذِّكْرِ الحاضِرِينَ مَعَنا مِنْ عائِلَتِي وَأَهْلِي: الأَبَ الخُورِي أَفْرام وَالأَبَ الخُورِي فائِز وَالأَبَ الخُورِي إِقْلِيمِس، وَأُصَلِّي مِنْ أَجْلِ سَلامَةِ عَمِّي الخُورِي عَبْدِالله الَّذِي لَمْ يَسْتَطِعْ الحُضُورَ لِأَسْبابٍ صِحِّيَّةٍ.
أَخِيرًا أَشْكُرُ الرَّبَّ عَلَى نِعْمَة كَبِيرَة فِي حَياتِي، هِيَ عائِلَتِي: أَبِي الخُورِي نِعمَت قُدْوَتِي فِي الخِدْمَةِ وَأُمِّي نَوال الَّتِي هِيَ شَمْعَةُ صَلاةٍ لا تَنْطَفئُ وَإِخْوَتِي الأَحِبّاءُ وَعائِلاتُهُمْ.. مَهْما قُلْتُ فَلَنْ أَقْدِرَ أَنْ أوفيَكُمْ حَقَّكُمْ، وَلٰكِنْ تَأَكَّدُوا أَنَّنِي أَحْمِلُكُمْ فِي قَلْبِي وَصَلاتِي فَشُكْرِي لَكُمْ هو كَلِمَةُ أُحِبُّكُمْ وَطَلَبِي مِنْكُمْ الصَّلاةَ دَوْمًا لِأَجْلِي. بارخمور".
وبعد القدّاس الإلهيّ البطريرك أفرام طقس الرّسامة الحبريّة بإلباس المرتسمَين القاووغ والجبّة، كما سلّمهما عصا الرّعاية الصّغرى والأيقونة وسط فرحة كبرى. بعدها تقبّل المطرانان الجديدان التّهاني من الحضور جميعًا.