أفرام الثّاني في رسالة معايدة: افتحوا قلوبكم لنور الميلاد
"يأتي عيد الميلاد ليذكّرنا في أعماق قلوبنا بأنّ الله قريب من الإنسان. وفي عالم متعب ومتعطّش إلى السّلام، يشرق نوره من جديد، حاملًا الرّجاء الحقيقيّ الّذي يولد حين يُفتح القلب لاستقباله. ففي صمت اللّيل وبساطة المذود، أعلن الله محبّته، فجعل من الميلاد ينبوع رجاء لا ينضب ونور سلام يملأ الأرض، ولا يزال اليوم يشرق في كلّ قلب يفتح له بابه بمحبّة وثقة.
إنّ الميلاد ليس ذكرى زمنيّة، بل سرّ لقاء حيّ مع الله الّذي أحبّنا أوّلًا، فيه يقترب الله من الإنسان ليمنحه حياة جديدة وسلامًا داخليًّا لا تهزّه اضطرابات العالم. ففرح الميلاد لا يرتبط بالظّروف، بل بإشراق نور المسيح وحضوره في وسطنا، ذاك الّذي يحوّل الخوف إلى طمأنينة، والخيبة إلى رجاء.
وفي هذا العام، نرفع أعيننا في عيد الميلاد نحو نور المسيح، ونحن نحيي ذكرى مرور سبعة عشر قرنًا على انعقاد المجمع المسكونيّ الأوّل في نيقية سنة 325م، حيث أعلنت الكنيسة بإيمان وفرح بفم الآباء، أنّ الرّبّ يسوع هو: "نور من نور، إله حقّ من إله حقّ". وهو إعلان لا ينتمي إلى الماضي، بل يبقى نورًا حيّا يرافق الكنيسة في مسيرتها وشهادتها، ويؤكّد أنّ الطّفل المولود في بيت لحم هو نور الله الحيّ، الّذي يبدّد الظّلمة ويقود الإنسان إلى ملء الحياة بقوّته الإلهيّة.
وانطلاقًا من هذا السّرّ الإلهيّ، ومن نور الإيمان الّذي تسلّمناه وعشناه عبر الأجيال، نتوجّه إليكم، أيّها الأبناء الرّوحيّون المباركون، بدعوة محبّة ورجاء: افتحوا قلوبكم لنور الميلاد، ودعوه يدخل بيوتكم ويملأ أيّامكم سلامًا وفرحًا. فحيث يولد المسيح، يولد الفرح الحقيقيّ، وحيث يستقرّ نوره، تنبع الحياة من جديد.
وندعوكم أن تكونوا امتدادًا لهذا النّور في عالمكم: نورًا في المحبّة الصّادقة، وثباتًا في الشّهادة الأمينة، وصانعي سلام يُزرع بهدوء في البيوت والمجتمعات.
ونتقدّم منكم جميعًا بأسمى التّهاني وأطيب الأمنيات في عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح بالجسد والعام الجديد 2026، سائلين منه، بقلوب مليئة بالرّجاء، أن يفيض سلامه على عالمنا المتعب بالحروب، ويمنح قادة الدّول حكمة تقودهم في دروب المصالحة والحقّ، بما يصون كرامة الإنسان، ويشفي القلوب الجريحة والمرضى، وينقذ المتألّمين، وينير طريق أبنائنا الشّباب، ويبارك كنائسنا وأديرتنا وعائلاتكم جميعًا.
وكلّ عام وأنتم بخير".
