لبنان
17 كانون الأول 2021, 12:49

أساقفة الرّوم الملكيّين الكاثوليك: المطلوب اليوم من صحوة ضمير توقف الانهيارات المتتالية

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ اجتماع أساقفة لبنان والرّؤساء العامّين والرّئيسات العامّات في الرّبوة، وتمّ البحث في الشّأن الوطنيّ العامّ إضافة إلى الشّأن الكنسيّ.

وفي ختام الاجتماع، صدر البيان الآتي: "أيّها الإخوة تقفل هذه السّنة أيّامها على مشهد تنامت فيه مختلف أنواع القنوط والخيبة إذ لا حديث بين اللّبنانيّين سوى همومهم الحياتيّة من أزمات متنوّعة تطول مختلف نواحي معيشتهم وإنّ هذا الإحباط الشّامل إن دلّ على شيء فعلى تقصير من قبل من آلت إليهم المسؤوليّة. ففي المسؤوليّة عن الشّعوب، هنالك تكليف عال لأنّه يتعلّق بمصائر الشّعوب. وفي هذا الصّدد إنّنا نشهد المسؤولين في حيرة يتقاذفون المسؤوليّات دونما أيّ قدرة لإخراج اللّبنانيّين من أزماتهم المتنوّعة الّتي لا مجال هنا لتعدادها.

- أمل مجلس الأساقفة أن يكون لبنان يمرّ بمخاضه الإقليميّ والدّوليّ الأخير الّذي يؤسّس لولادة لبنان جديد قائم على الحرّيّة والعدل والمساواة والحوار والمشاركة الفعليّة بعد أن انهارت المنظومات الّتي عادة ما تشكّل الأرضيّة الصّلبة لأيّ نظام مفترض، فالانهيار طاول وللأسف القطاعات كافّة بما فيها القطاعات القضائيّة والصّحّيّة والتّربويّة إضافة إلى القطاعات الاقتصاديّة والمصرفيّة والسّياسيّة، وذلك في ظلّ أمن اجتماعيّ هشّ معرض للاهتزاز أو الانفجار في كلّ لحظة.

- إنّ المطلوب اليوم من الحكّام والزّعماء صحوة ضمير توقف الانهيارات المتتالية الّتي تعصف بالبلاد والعباد وتعيد البلاد إلى مسارها الصّحيح، وهذا يتطلّب كلّ الوعي والحكمة والجلوس الفوريّ إلى طاولة مجلس الوزراء والعمل لمصلحة البلد والمواطنين لأنّنا على عتبة انفجار اجتماعيّ لا تحمد عقباه. كما نناشد الجميع ونحن في زمن الميلاد وقف التّدخّلات في القضاء والأمن والانصراف إلى معالجة هموم النّاس.

- إنّ تدخّل السّياسيين والزّعماء والقادة بالقضاء من شأنه أن يفقدنا آخر أمل لنا بهذا البلد، ولذلك على الجميع التّرفّع عن هذه الممارسات الّتي تزيد الأمور تعقيدًا وتعيدنا إلى شريعة الغاب وهذا ما نرفضه رفضًا قاطعًا. كما نرفض أن تبقى جريمة تفجير مرفأ بيروت عرضة للتّجاذبات السّياسيّة والقضائيّة.

- إنّ الوضع الاقتصاديّ والمعيشيّ لم يعد يحتمل في ظلّ انهيار العملة الوطنيّة من جهة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكيّة والمحروقات بشكل جنونيّ وغير مقبول من جهة ثانية، إضافة إلى حرمان المرضى من أدويتهم الّتي تعطيهم أملاً بالحياة وهو حقّ مقدّس لهم. وهذا لا يتمّ إلّا إذا صفت النّوايا وحلّ الخير في عقول الحكّام والمسؤولين، فلا البنك الدّوليّ ولا سواه قادر على إخراجنا من أزماتنا ما لم نوقف الاشتباك السّياسيّ  ونتحاور بشكل عميق ومعالجة الأسباب وليس النّتائج. فمعالجة النّتائج دون الأسباب هي الّتي أوصلتنا إلى الدّرك الّذي نعيش فيه. والأسباب باتت معروفة من الجميع فلو ترفع كل منّا عن مصالحه السّياسيّة والشّخصيّة، وعمل على مصلحة أبناء هذا الوطن المعذّب لكنّا بألف خير ننعم بحياة كريمة.

- نخشى أن يكون حرماننا من موسم الأعياد مدبّرًا، فلا نريد أن نصدّق أنّ ارتفاع سعر الدّولار الجنونيّ خلال فترة الأعياد الّتي تشكّل متنفّسًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا، يأتي من فراغ، وعلى كلّ مسؤول التّصرّف وفق المصلحة الوطنيّة العليا، إذ إنّه كفانا هجرة للأدمغة ولليد العاملة والقطاعات الإنتاجيّة الّتي تتمحور حولها الدّورة الاقتصاديّة والحياة المجتمعيّة والاجتماعيّة، وندعو في هذا السّياق وبإلحاح إلى صحوة ضمير والتّشبّه بطفل المغارة الّذي علّمنا التّواضع والمحبّة وبشّرنا بالسّلام الّذي لا بدّ له من أن يتحقّق.

- أخيرًا وليس آخرًا ندعو أبناءنا إلى الالتزام بشروط الوقاية من المتحوّر الجديد وذلك عبر التّقيّد بشروط السّلامة العامّة بحسب الأصول، خصوصًا في هذه الفترة الحرجة حيث لا دواء ولا قدرة على الاستشفاء.  

- وفي الختام نلفت إلى أنّنا في زمن الميلاد الّذي يعني المحبّة والتّسامح والغفران، علينا أن نبادر إلى المسامحة. وندعو في هذه المناسبة إلى رصّ الصّفوف والتّكافل الاجتماعيّ ومساعدة المحتاجين. ومن منطلق الرّجاء أوّلاً ومن مراهنة على قدرات اللّبنانيّين كشعب تجاوز مختلف أنواع المحن وقد أثبت أبناؤه كفاءاتهم وقدراتهم في العالم كلّه، أمس واليوم، يتمنّى الآباء أن تحمل السّنة الطّالعة أملاً جديدًا بلبنان المستعاد، لبنان الضّرورة لمحيطه وللعالم لأنّه وطن الضّرورة والنّموذج الوحيد لقيم العيش الواحد والوفاق والاعتدال والانفتاح والعطاء".