أرز الانتشار يزور جذوره في قلب لبنان
كانت وجهتهم ذلك النّهار الوادي المقدّس – درب القدّيسين، حيث مشى الأبرار والنّسّاك في صمت الصّلاة وهدير الإيمان. هناك، خطوا على الأثر ذاته، حاملين في خطواتهم شغف الاكتشاف وانبهار اللّقاء الأوّل بجذورٍ طالما سمعوا عنها، ولكن اليوم... يلمسونها.
ومن درب القداسة إلى غابة الأرز، رمز الصّمود والخلود، كانت المحطّة التّالية. تلك الغابة التي وإن طالها الزّمن، تبقى شامخة كلبنان، وكأنّها تحضن الزّائرين إلى صدرها. إجتمعوا هناك، في حضرة الأرز، وغنّوا لوطنهم الأمّ، للأوطان التي قدموا منها وتحتضنهم اليوم، لكلّ بلدة قدموا منها، ولكلّ لهجة حملوها من بعيد، فكانت صدى كلماتهم يعانق سماء الأرز.
في لحظة مؤثّرة، زرعوا أرزة باسمهم جميعًا تخلّد وطأة أقدامهم تراب الأرز وتخلّد لقاء لن ينسى، وتقدّم أحدهم قائلاً:
"نحن أرزة صغيرة في كلّ بلد، لكنّنا اليوم التقينا لنرى جذورنا، لنشهد على عملها العميق في أرواحنا. هذه الأرزة التي نغرسها، هي وعد منّا بأنّنا سنبقى أبناء هذا الوطن، حيثما كنّا."
لم تكن الزّيارة مجرّد رحلة... كانت لقاءً حيًّا بين الماضي والحاضر، بين هويّة مزروعة في القلب، وأرض احتضنتها الأرواح.
اليوم الرّابع من هذا البرنامج لم يكن يومًا عاديًّا، بل يومًا من "أيّام لا تُنسى"، كما قالوا. أيّامٌ تنحفر في ذاكرة وطن اسمه لبنان، وطن لم يغب عنهم يومًا، وإن ابتعدوا عنه جغرافيًّا.
وفي كلّ مرّة وفي كلّ زيارة يكتشفون أنّهم ليسوا فقط أبناء وطن، بل أبناء قصّة، جذورها هنا... وأغصانها تعانق العالم.