لبنان
06 كانون الأول 2021, 12:50

أبرشيّة البترون المارونيّة صلّت مع راعيها على نيّة المتوفّين من أبنائها بوباء كورونا

تيلي لوميار/ نورسات
على نيّة المتوفّين من أبناء أبرشيّة البترون المارونيّة بوفاء كورونا، صلّت لجنة راعويّة الصّحّة في الأبرشيّة خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه راعيها المطران منير خيرالله في دير مار قبريانوس ويوستينا- كفيفان، عاونه فيه رئيس الدّير الأب بطرس زياده والقيّم الأبرشيّ الخوري شربل خشّان ورئيس اللّجنة الشّمّاس شربل الفغالي، بحضور ذوي المتوفّين وأعضاء اللّجنة.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى خيرالله عظة بعنوان "الله أحبّنا قبل أن نحبّه"، وقال: "بدعوة من لجنة راعويّة الصّحّة في الأبرشيّة ورئيسيها الحاليّ الشّمّاس شربل نسيب الفغالي والسّابق الخوري شربل خشّان وأعضائها الذين يبذلون التّضحيات الكبيرة لخدمة إخوتنا المرضى ولمرافقة عائلاتهم، نحتفل اليوم بقدّاس خاصّ على نيّة المتوفّين من أبناء أبرشيّتنا وبناتها جرّاء إصابتهم بوباء كورونا، وعلى نيّة أهلهم وعائلاتهم الحاضرين معنا والمعتذرين عن عدم الحضور. وإحتفالنا في دير القدّيسين الشّهيدين قبريانوس ويوستينا وفي مزار القدّيس نعمة الله والطّوباويّ اسطفان، دعوة إلى الصّلاة من أجل الثّبات في إيماننا ورجائنا لمواجهة الظّروف الكارثيّة والأزمات المتتالية، ولاسيّما أزمة وباء كورونا. هذا الوباء الّذي فاجأ العالم وأنهك البشريّة، ويؤكّد قداسة البابا فرنسيس أنّ هذا الوباء كشف هشاشة الطّبيعة البشريّة وضعفها، وجعلنا جميعًا نعيد قراءة حياتنا اليوميّة وسلوكنا وتصرّفاتنا، لنكتشف أنّ هناك فيروسات أكثر فتكًا بالبشريّة من وباء كورونا، كفيروس انتهاك كرامة الإنسان والتّعامل معه كأنّه مجرد شيء نستعمله ونرميه بعد الاستعمال. وفي أساس هذا الفيروس ثقافة الأنانيّة والعدوانيّة ونبذ الآخر فيتحوّل إلى منتج استهلاكيّ للاستعمال المؤقّت.

فيما تسعى الدّول المتقدّمة والعلماء فيها للتّصدّي لوباء كورونا والحدّ من انتشاره باختراع اللّقاحات المتعدّدة، تدعونا الكنيسة بإسم المسيح إلى التّصدّي لوباء اللّامبالاة وانتهاك كرامة الإنسان. وإختبار البشريّة لمحنة وباء كورونا، وقد طال أمدها، يضعها أمام خيارين: إمّا أن تخرج منها أسوأ ممّا كانت عليه قبل الوباء، أو أن تخرج منها أكثر إنسانيّة بتضامنها مع الشّعوب الأكثر فقرًا وعوزًا. وهذا ما نرجوه لكي ننتقل معًا إلى ثقافة التّضامن والتّضحية من أجل الخير العامّ المشترك والعدالة وتوزيع الخيرات على الجميع. والجواب المسيحيّ للتّصدّي لوباء كورونا وغيره من الأوبئة النّفسيّة والجسديّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة يستند إلى المحبّة. محبّة الله لنا. إنّه أحبّنا قبل أن نحبّه، وأظهر محبّته لنا بأنّه أرسل ابنه الوحيد إلى العالم كفّارة عن خطايانا لنحيا به. وهذا الحبّ، يقول قداسة البابا فرنسيس، هو اللّقاح الوحيد النّاجع الّذي يعالج ويشفي البشريّة المريضة والمصابة بتلك الأوبئة، وأخطرها الأنانيّة.

فيما نقترب من عيد ميلاد الرّبّ يسوع إنسانًا بيننا ومثلنا، نتأمّل سرّ التّجسّد الّذي يعني لنا انحناء الله على البشريّة الضّعيفة والمتألّمة والسّاقطة تحت سلطان الخطيئة ليشفيها ويخلّصها ويرفعها إلى مستوى الألوهة. في سرّ التّجسّد صار الإله إنسانًا ليصير الإنسان إلهًا. وفي سرّ الفداء مات المسيح وقام ليميت معه كلّ إنسان ويقيمه إلى الحياة الأبديّة ويعيد إليه كرامة أبناء الله. فيصبح كلّ إنسان محبوبًا من الله الآب على مثال ابنه يسوع.

قدّاسنا اليوم وقفة تضامنيّة مع كلّ عائلة أصيبت بفقد أحد أفرادها من وباء كورونا، ولم تستطع أن تودّعه ولا أن ترافقه ولا أن تقوم بواجب الصّلاة والعزاء. لكنّنا نعرفكم أبناء إيمان ورجاء بالقيامة مع الرّبّ يسوع المسيح. فلم تيأسوا ولم تستسلموا ولم تفقدوا ثقتكم بالله وبالكنيسة الأمّ السّاهرة، كما كانت مريم العذراء ساهرة على عائلتها في النّاصرة وتبقى ساهرة على عائلاتنا وكنيستنا وشعبنا ووطننا. ولا ننسى أن نصلّي، مع لجنة راعويّة الصّحّة في أبرشيّتنا، من أجل جميع العاملين في الجسم الطّبّيّ والتّمريضيّ ونقدّر كم يؤدّون من التّضحيات في خدمة المرضى والمتألّمين والعجزة والفقراء.

أيها الرّبّ يسوع، نستودعك موتانا وهم معك في الملكوت بصحبة أمّك وأمّنا مريم العذراء وجميع قدّيسينا وشفعائنا، ونسلّمك ذواتنا وعائلاتنا وكنيستنا وشعبنا ووطننا، راجين أن نستقبلك في ميلادك بالفرح والبهجة في ظلمة حياتنا اليوميّة على رجاء أن نقوم معك إلى حياة جديدة في وطن متجدّد ليبقى رسالة ووعدًا في المحبّة والسّلام".