"أيّها الشباب أنتم حرّاس الصباح، أنتم فجر الحياة الجديدة": البطريرك الراعي
إستهلّ اللقاء بالنشيد الوطنيّ أدّته جوقة جامعة سيّدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة، ومن ثمّ صلاة، وكلمة للأباتي إدمون رزق، قال فيها: "ما أجمل لقاء الحصاد بعد التعب والسهر! واليوم هو يوم البدايات والأعياد: بداية فصل الصيف، وعيد الآباء، وقد صار أيضًا عيدكم أنتم، وبداية فصل جديد في حياتكم، والانتقال من الامتحانات الصغيرة إلى الامتحان الأكبر: امتحان الحياة العمليّة وتطبيق المعرفة واكتساب الخبرات مع المهارات! كونوا أكيدين أنّكم مستعدّون لخوض تجربة العمل ولدروس جديدة في الحياة. كونوا واثقين في قدراتكم، ثابتين في مساعيكم لتصلوا حيث صمّمتم أن تكونوا، شهود خير وحقّ وجمال".
رحّب الإعلاميّ ماجد بو هدير بضيف الشرف البطريرك الراعي وبالحضور، ثمّ توجّه الأب بشارة الخوري، رئيس جامعة سيّدة اللويزة، بكلمة ترحيبيّة إلى البطريرك الراعي قائلا:"...جئتم تشهدون على تخرّج فوج جديد قوامه خيرة من الشبّان والشابّات يظهرون علامات فرح وأمل يخفون بها قلقهم وخوفهم من غد مبهم في وطن يرونه متّجهًا إلى العدم".
وتابع الأب بشارة: "يغادرون الجامعة حاملين شهادتهم بيد وجواز سفرهم بيد ثانية، ويسألون بعتب: ماذا أعددتم لنا لنبقى؟
دعونا نحن نجيب اليوم، نحن نريد لبنان شابًّا كهؤلاء الشباب، ذا وجه نضر كوجوههم، حرًّا كأحلامهم، عالي الرأس كشموخهم ..."
وأضاف الأب الخوري متوجّهًا إلى البطريرك: "أنتم في مقدّمنا في هذا الاحتفال، بوصفكم القائد الأعلى لمسيرة حفظ الكيان والكينونة والهويّة اللبنانيّة الحقيقيّة وجميعها بخطر، وبوصفكم القيّم الأوّل على سلاحنا الأمضى وهو التربية في مدارسنا وجامعاتنا، كما فعل سلفكم البطريرك الدويهيّ وعلّم".
ختم الأب الرئيس كلمته بالتوجّه إلى الطلّاب المتخرّجين، قال لهم: "إسعوا إلى تغيير لون الحياة في لبنان، واعملوا لتعيدوا إليها اللون اللبنانيّ الحقيقيّ. إذا اضطررتم إلى الهجرة بقصد عمل وتعلّم قولوا لآبائكم قبل أن تغادروا إنّكم عائدون لإعمار لبنان. لا تسمحوا لهم أن يبيعوا أرض أجدادكم فإليها ستعودون وهي في انتظاركم. إلتفّوا حول كنيستكم تمامًا كما كان أجدادكم وآباؤكم يفعلون عند سقوط الحكّام المدنيّين أو ضعفهم. لا تتنكّروا للوطن ولتاريخه لكي يبقى لكم وطن وليكون لكم مستقبل".
توجّه البطريرك الكردينال الراعي، بدوره، إلى الطلّاب أوّلًا مهنِّئًا إيّاهم وأهلهم والجامعة بمكوّناتها كلّها، ثمّ قال للمتخرّجين: "أيّها الشباب، أنتم "حرّاس الصباح" (أشعيا)، أنتم فجر الحياة الجديدة. لقد مررنا في ظروف أصعب من التي نعيشها اليوم. هي اضمحلّت، وبقي لبنان. هذا اللبنان الغنيّ بقدّيسيه لن يسقط، بل يبقى ثابتًا بهمّة أبنائه وبناته اللبنانيّين".
وأضاف: "أخذت جامعتكم على عاتقها مبادىء تعليميّة وهي: توفير نوعيّة التعليم في فروعها الثلاثة، ثم تطبيق مبدأ الدمج الأمثل لذوي الصعوبات التعليميّة، من خلال التعاون مع مؤسّسة SKILD، كما تطبيق مبدأ البعد الإنسانيّ من خلال البناء المتكامل للإنسان، أكّاديميًّا، فكريًّا، علميًّا، ثقافيًّا، رياضيًّا، وطنيًّا، ديمقراطيًّا، روحيًّا، وأيضًا تطبيق مبدأ التعاضد المجتمعيّ والإنسانيّ، تفهّما لشموليّة تردّدات الأزمة، وتطبيق مبدأ الانفتاح، من خلال مدّ الجسور مع الخارج وتثبيت الجسور السابقة. بالإضافة إلى تحقيق مفاعيل الرسالة الأساسيّة للجامعة من خلال بناء قادة وشباب المستقبل، هي التي مدّت المجتمعات المحلّيّة والعالميّة بأكثر من 25000 ألف خرّيج وخرّيجة يرفعون اسمها واسم وطنها لبنان".
وختم البطريرك الراعي قائلًا: "أمام واقع التدهور المستمرّ وتناسل الأزمات، وجدت الجامعة نفسها أمام حتميّة المواجهة. صحيح أنّ هذا التدهور الوطنيّ العامّ يشكّل خطرًا كبيرًا على مستقبل شبابنا، ولكنّ قطاع التعليم العالي لديه القدرة على لعب دور الدفاع والتحصين".
وأضاف: "الجامعة هي صرح استقطاب لقطاعات المجتمع وتكاوينه كلّها، محليًّا أم دوليًّا، وهذا يجعلها رافعةً أساسيّة للوطن. شبابنا، اليوم أنتم والوطن على مفترق أساسيّ ومفصليّ، قرارنا معكم نهائيّ وناجز، لبناننا هو لنا، لا مساومة على هويّته وكيانه، فكونوا من أهل الثقة أنّ جامعكتم وكنيستكم هما إلى جانبكم على الدوام. سلاحكم العلم، الكلمة، المثابرة، القرار، الحوار، التلاقي".
في الختام قدّم الأب الخوري إلى البطريرك المارونيّ مخطوطًا لطوباويّ لبنان الجديد، البطريرك إسطفان الدويهيّ، منسوخًا قبل سنة 1704 ومحفوظًا في جامعة سيّدة اللويزة.