متفرّقات
06 أيار 2020, 11:52

نداء لتعزيز القوة ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ في زمن كورونا

تيلي لوميار/ نورسات
أصدرت تسع جمعيات ومنظمات لبنانيّة بيانًا مشتركًا تحت شعار "إلى شركائنا في الوطن"، جاء فيه:

"ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"؛ نعم! في هذا الضّيق الّذي يحاصر وطننا لا بدّ من فسحة أملٍ يوفّرها له مواطنوه، لا بدّ من أن نرى الأمل في عيون الجميع، وأن ننظر بعيونهم إلى ألمهم وأملهم بعيدًا عن أنانيّاتنا الّتي لا ترى إلاّ نفسَها.

بقلوبٍ منفطرة لمعاناة الملايين حول العالم جرّاء الأزمة الصّحيّة الرّاهنة الّتي تتطوّر ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﺘﺆﺛّﺮﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻓﻲ العديد ﻣﻦ البلدان، وفي عالمٍ انتابه الخوف، وبات مضطرًّا للتّأقلم ﻣﻊ ﺃﺯﻣﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ تقديرعواقبها ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ بنحو قاطع، فإنّنا نشعر بقلق ﺑﺎﻟﻎ ﺗﺠﺎﻩ ﺣﻴﺎﺓ الكثيرين ﻻ ﺳﻴّﻤﺎ أولئك الّذين هم ﺃﻗﻞّ حصانةً.  لكن نشعر أيضًا أنّه لا بدّ من تعزيز القوّة ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ في هذا الوقت بالذّات؛ تلك القوّة المستمَدّة منروح الوحدة ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ بموجبها، وذلك من خلال دعم الجهود ﺍﻟﻀّﺮﻭﺭﻳّﺔ ﺍﻟّﺘﻲ يتمّ بذلها ﻓﻲ هذا الصّدد ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺻﺤّﺔ ﺍﻟمجتمع وسلامته.

إنّنا نحيّي في هذه المناسبة كلّ الجهود الّتي بُذلت وما زالت تُبذل على مستوى الوطن من قِبل جميع أطيافه، ونخصّ بالذّكر جهود من يقفون في الصّفوف الأماميّة لمواجهة هذا العدوّ، ونعني بذلك الجسم الطّبّيّ بكلّ عناصره وكوادره ومسؤولِيه ومعاونِيه، وهم الّذين هجروا عائلاتهم ليَصِلوا اللّيل بالنّهار في مساعدة المرضى والمصابين.

نمرُّ اليوم بمحنة تحجرنا في بيوتنا وتمنعنا عن ممارسة نشاطاتنا وزيارة أحبّائنا، لنجد أنفسنا أمام نمط حياة جديد، أجبرنا على أن نفكّر بطريقة مختلفة وأن نتواصل مع الآخرين بأساليب مبتكرة لم نعهدها من قبل. لقد سلب الوباء حريّتنا وقيّدها، لكن في المقابل علّمنا أن نقدّر حياتنا بطريقة أفضل، وأن نتمسّك بإيجابيّاتها، كما أرغمنا على العودة إلى أنفسنا وإعادة النّظر في قراراتنا وطرق تفكيرنا وفي علاقاتنا المتبادَلة.

ها نحن اليوم نقف أمام فرصة حقيقيّة تسمح لنا أن نقدّر الحاضر وأن نتعلّم من الماضي ونستعدّ للمستقبل، متعمّقين أكثرمن أي وقتٍ مضى في قيم المحبّة والتّضامن والسّلام الذّاتيّ والمجتمعيّ، ومتمسّكين بالمفهوم الجديد للمواطنة المتساوية، والّتي علّمتنا إيّاها الظّروف المؤلمة الّتي مررنا بها خلال الأشهر الماضية، آملين أن يسود مبدأ العدل الّذي يحفظ كرامة كلّ مواطن ويضمن مستلزمات العيش الكريم للجميع دون تمييز. لقد علّمتنا التّجربة المريرة الّتي يمرّ بها العالم الآن أنّ نجاة البشريّة وسعادتها تقتضيان تجاوز النّظام العالميّ الحاليّ القائم على منطق السّوق والمال والاقتصاد، والّذي أثبتت الوقائع الأخيرة فشله، للمضيّ نحو تأسيس عالم جديد تحكمه القِيَمُ الإنسانيّة ومبادئ العدالة والمساواة والتّضامن بين كافّة شعوب الأرض.

ﻓﻲ الوقت الرّاهن، ﺗﺘّﺠﻪ ﺃﻓﻜﺎﺭﻧﺎ ﻭﺃﺩﻋﻴﺘﻨﺎ وأنظارنا نحو ﺳﻼﻣﺔ ﺟﻤﻴﻊ المواطنين ورفاههم؛ فندعو بكلّ تضرّع ﻭﺍٕﺧﻼﺹ للفوز بنعمة ﺍﻟﺜّﻘﺔ والطّمأنينة، ﺁﻣﻠﻴﻦ ﺃﻥ نسلّط ﺃﻓﻜﺎﺭنا ﺑﻌﺰﻡٍ ﻻﻳﻨﺜﻨﻲعلى اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ مجتمعنا العزيز وأوضاعه الرّاهنة. ﻓﺠﻤﻴﻌنا إخوة وأخوات في هذا الوطن الحبيب، وأفراد أسرة مجتمعيّة واحدة ذات مصير واحد. 

مهما ازدادت الصّعوبات في الوقت الحاضر، والّتي لا تقتصر على الوباء بل تتعدّاه إلى الّصعوبات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة، والّتي شارفت على بلوغ حدودها القصوى التّي تتجاوز قدرة بعض فئات المجتمع على احتمالها، فإنّنا سنعبُر نفق هذه المحنة في نهاية المطاف، لنطلّ على الجانب الآخر مكتسبين رؤيةً أكثر وضوحًا، وتقديرًا أعمق لوحدتنا المتأصّلة ولترابطنا المُتبادَل في مصير مشترك. فعلى الرّغم من أنّ أُفق العالم يبدو مظلمًا، لكن لا بدّ من أن تنجلي ظلمة اللّيل بضوء النّهار، مثلما يذكّرنا حلول فصل الرّبيع بأنّ عواصف الشّتاء البارد، مهما اشتدّت، لا بدّ أن تهدأ وتزول. 

إلى شركائنا في هذا الوطن الغالي نقول: ﺍٕﻥّ العالم اليوم بحاجةٍ ﺍٕﻟﻰ المزيد والمزيد ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻞ وقوّة الرّوح ﺍﻟﻤُﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. لذلك صار واجبًا علينا الاهتمام في ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼّﻔﺎﺕ والخصال الإنسانيّة الّتي تمنح مجتمعنا الحصانة المطلوبة ﻓﻲ هذا الوقت؛ ﺻﻔﺎﺕ الوحدة ﻭﺍﻻﺗّﺤﺎﺩ، وﺍﻷﻟﻔﺔ والتّعاطف، وﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، وتنمية ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ والتأمل والتّفكّر، والعمل ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ، والمواساة لبعضنا البعض، والتّكافل الاجتماعيّ الصّادق. ﻨﺒﺘﻬﻞ ﻣﻦعمق الفؤاد إلى الخالق القدير ﻣﻦﺃﺟﻞ تسكين الألم ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ.

من هنا، ندعو شركاءنا في الوطن للمشاركة في حوار مجتمعيّ وطنيّ حول هذه المبادئ، وإتاحة المجال للجميع، دون استثناء، للمشاركة في هذه الحوارات عسى أن لا نخسر الآثار الإيجابيّة للمرحلة الحالية في حياتنا الإنسانيّة والاجتماعيّة على مستقبلنا، والّذي نأمل أن يكون مشرقًا وزاهرًا ومشرّفًا."

 

الموقّعون على البيان:

  • منظمة إعلام للسلام "ماب" –Media Association for Peace (MAP)
  • جمعية حوار للحياة وللمصالحة - Dialogue for Life and Reconciliation (DLR)
  • مكتب الحوارات العامة للجامعة البهائية في لبنان
  • جمعية مدار الاجتماعية –Madar Association
  • جمعية فرح العطاء –Offre Joie
  • جمعية Believe
  • جمعية Leadership for Sustainable Development (LSD)- (القيادة من أجل التنمية المستدامة)
  • منتدى المعارج لحوار الأديان والثقافات
  • ملتقى الأديان للتنمية