دينيّة
09 شباط 2021, 08:00

في يوم عيده، نتعرّف إلى مارون "أب الموارنة"

ريتا كرم
"مارون الإلهيّ" هكذا يسمّيه أسقف قورش ثيودوريطس أيّ المنتسب إلى الله وحده. هو من أوائل النّسّاك الّذين شمخوا شموخ الأرز في جبال قورش السّوريّة، فأسّس لطائفة تفرّعت أغصانها في العالم كلّه ببركة الله، وصمدت أمام كلّ العواصف وأضحى هو "أب الموارنة"، الّذي نضيء في السّطور التّالية على سيرة حياته في يوم عيده.

 

إنّه القدّيس مارون: اعتزل النّاس، عاش الإنجيل وقاسى مرارة العيش في حياته النّسكيّة التّوحّديّة الّتي شقّها بفرادة وقناعة. إختار العراء ليحمل شعلة رسالته، لا تظلّله إلّا سماء الرّبّ الّتي كانت تتبدّل أحوالها بحسب الفصول، فقَبِل خيراتها بصبر وفرح؛ إلّا أنّه، كان يتظلّل في خيمة صغيرة صنعها من أغصان الشّجر لتقيه عواصف الشّتاء وصقيعه وحرّ الصّيف ولهيبه. 
أراد مارون أن يهرب من زحمة العالم، لكنّ صيته سبقه فتبعه نتيجته الكثيرون وقصدوه في عزلته من كلّ حدب وصوب، لأنّ تعاليمه نادتهم وفقره الشّديد جذبهم إليه، هو الّذي كان أغنى الأغنياء بفعل الأصوام والصّلوات وساعات السّجود والرّكوع أمام القربان المقدّس وذكر الله وتلاوة التّساعيّات. أمّا خارج أعمال الرّوح فكانت أعمال الجسد اليدويّة والزّراعيّة صلاة تبعده عن كلّ الشّهوات.
لم يبخل مار مارون على قاصديه بالإرشاد والعزاء والشّفاء، إذ كان وبمعونة إلهيّة يخمد نار المرض ويهزم الشّرير بسلاح واحد: الصّلاة.

في هذا القدّيس، رأى المؤرّخ ثيودوريطوس "أوّل من غرس حديقة النّسك عبر مغامرة روحيّة رياديّة أطلقها القدّيس أنطونيوس الكبير وجسّدها مارون، فزرع بستانًا أزهر في الحياة الرّهبانيّة وأثمر لتولد الكنيسة المارونيّة مع "مارون الإلهيّ" ومع تلاميذه الّذين انتشروا في الكهوف والمغاور والصّوامع على خطى معلّمهم وراعيهم متحدّين كلّ الاضطهادات والمخاطر، مثبّتين المارونيّة في أديار انتشرت رويدًا رويدًا في لبنان وسوريا وبلدان الانتشار، حتّى باتت المارونيّة طائفة على وسع الكون. طائفة يصلّي أبناؤها إلى الله بشفاعة مار مارون مردّدين: "باسمك دُعينا يا أبانا، وعليك وطّدنا رجانا. كن في الضّيقات ملجانا واختم بالخير مسعانا."