السفيرة الإيطالية منحت إيفان كركلا باسم رئيس جمهورية بلادها وسام نجمة إيطاليا من رتبة فارس
وألقت بومباردييري كلمة قالت فيها: "يشرفني ويسرني أن أرحب بكم جميعًا للاحتفال وتكريم أحد أبرز شخصيات الفنون المسرحية في لبنان، ألا وهو مدير مسرح كركلا للرقص السيد إيفان كركلا. يقام الحفل الليلة هنا، في هذا المسرح، لأنه في هذا المسرح ومسيرته وتاريخه ومعناه يكمن الجوهر والأساس وراء تقليد إيفان كركلا وسامًا رفيعًا من الجمهورية الإيطالية، ومن خلال منح إيفان كركلا هذا الوسام، نقدّم وسامًا لرؤية مسرحه الخاص ورسالته ولنشر ثقافة الرقص المسرحي في لبنان".
أضافت: "إن الفيديو والمشهد الراقص اللذين شاهدناهما خير شهادة على مشروع فني طويل الأمد، على نجاح مستمر ومشروع حياة. لا نحتفل الليلة بالتزام رجل فحسب، بل نحتفل أيضًا بتصميم ورؤية بعيدة المدى وتفاني نساء ورجال عائلة بأكملها امتد عملها عبر أجيال عديدة مع الحفاظ على الهدف والحلم عينه".
وتابعت: "كرّس إيفان كركلا حياته لمواصلة حلم ومشروع والده عبد الحليم كركلا، الذي يشرّفني ويسعدني أن أحييه الليلة. قبل توليه زمام الأمور في الشركة، أمضى إيفان سنوات عديدة في إيطاليا وأوروبا، حيث نمى تعاونا وثيقا للغاية مع مخرج الأفلام والأوبرا الإيطالي الشهير فرانكو زيفيريللي. لا حاجة للاستفاضة بالكلام عن عبقرية زيفيريللي الفريدة. تمكن إيفان بموهبته وشغفه من كسب ثقة زيفيريللي وصداقته. عاش إيفان في خلال هذه السنوات في بيئة ثقافية إيطالية وأوروبية تجلى أثرها في أعماله".
وأردفت: "في خلال سنين إدارته للشركة، وطد إيفان كركلا علاقاته الدولية التي كان قد بدأ والده بإرسائها ووسعها وأعاد الشركة إلى الساحة العالمية مشاركا في المهرجانات اللبنانية، كما في العديد من المرافق الفنية الممتدة من الولايات المتحدة الأميركية إلى الصين، مرورًا بإيطاليا وأوروبا. وتميزت شركة كركلا بتقديمها مجموعة فريدة من أساليب الرقص. أولًا وقبل كل شيء الباليه، وهو الخبز اليومي لكلّ راقص مع إدخال أساليب الرقص الحديثة عليه، خصوصًا تقنية مارثا غراهام، والرقص الفلكلوري اللبناني والعربي التقليدي. وبالتالي، صممت الشركة مجموعة فريدة من اللوحات الراقصة التي عرضت في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي العديد من البلدان الأخرى".
وقالت: "تعتزم إيطاليا الليلة التأكيد أن نشر الثقافة في لبنان وفي أي مكان آخر يجب ألا يقتصر على قلة من الناس، بل هو نشاط أساسي وقيمة روحية للمجتمع بأسره خصوصًا في الأزمات والمصاعب. ينبغي المحافظة على المؤسسات الثقافية ودعمها، خصوصا تلك التي تتمتع بتاريخ مميز ومرموق، لأنها تلعب دورًا أساسيًّا في تثقيف الأجيال الشابة ورسم مستقبل الأمة. في هذا الصدد، لا يجب أن ننسى الرقص والباليه في لبنان وإهمالهما حاضرًا ومستقبلاً. وهنا، أود أن أتوجه مباشرة إلى فرقة الباليه وإلى الراقصين المنفردين الذين قدموا العرض قبل بضع دقائق. لقد أحببت أداءكم وأهنئكم على الطاقة والقوة والمثابرة التي أظهرتموها في هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة التي تضاف إليها جائحة كورونا. أنا على يقين أنكم الليلة، كما هي الحال في كل يوم، تفتخرون بإنجازات مديركم، لأنها أيضًا إنجازات عملكم. أشجعكم على الاستمرار في التمرين وعلى البقاء على التزامكم بفن تيربسيكوري، أحد أرقى وأنبل الفنون المسرحية التي تستمد جذورها من بلاط الأمراء في عصر النهضة الإيطالية".
وختمت: "للأسباب المذكورة أعلاه، باسم رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، يسعدني جدًّا أن أقلّد السيد إيفان كركلا وسام نجمة إيطاليا من رتبة فارس، تقديرًا لمزاياه الفنية المتميزة في نشر ثقافة الرقص والباليه في لبنان، ولبروز نفحة فنية إيطالية في اللوحات الراقصة التي تصممها وتنتجها شركته".
كركلا
وتحدّث كركلا فقال: "اشكركم جميعًا على حضوركم اليوم لتقاسم شرف منحي وسام "نجم إيطاليا"، من قبل الحكومة الإيطالية الموقرة، تقدمها لي سعادة السفيرة بومبارديري. يشرّفني هذا الوسام الذي يكرس علاقتي الفنية والثقافية مع إيطاليا وفنانيها الكبار. فهذا ليس مجرد لقب فارس. بل هذا تحدّ جديد. تحد لمواصلة هذه الرحلة التي أغنت رؤيتي، والعمل على تطويرها إلى آفاق فنية جديدة وإنجازات ثقافية راقية.العالم أجمع يستنير بما قدمته إيطاليا للفن والإبداع في مسيرة الإنسانية، والتي كان لها الأثر الكبير على مسيرتي الفنية".
أضاف: "إيطاليا هي أرض النهضة. إيطاليا هي أرض الأوبرا والمسرح والأفلام. إنه المكان الذي تلاقى فيه مايكل أنجلو ودافنشي في شوارع فلورنسا. إنه المكان الذي شارك فيه بوتشيني وفيردي أوبراهما على المسرح نفسه. إنه المكان الذي صنع فيه موريكوني وليوني التاريخ. إنه المكان الذي وضع فيه فليني وبرتولوتشي معايير جديدة للسينما.
لكن الأهم من ذلك كله، كانت إيطاليا موطن زيفيريلي. المايسترو فرانكو زفيريللي. كان هذا الرجل في قمة العظماء. رجل عبقري بإبداعه. وبفضله أقف هنا اليوم لأُمنح هذا الشرف".
وتابع: "في عام 1997، جاء المايسترو زفيريللي إلى بعلبك، في مناسبة عودة إفتتاح المهرجان، مع مسرح كركلا بمسرحية "الأندلس المجد الضائع". يومها كان لقائي الأول مع زيفيرللي، الذي دعاني لحضور مسرحيته "La Bohème" في مسرح سان كارلو في نابولي. بعدها عدت إلى المنزل، إلا أنني عدت بعد خمس سنوات. فتحت لي توجيهاته وتعاليمه وتجربته الفنية أبواب عالم جديد من فنون الأداء. وبمجرد عبور هذه البوابات، لم يكن هناك أية نظرة إلى الوراء. لقد كنت محظوظا لأنني أقوم برحلة فنية رائعة مع بعض من أهم الفنانين الموهوبين في إيطاليا والعالم".
وأردف: "في عام 1968، أسس عبد الحليم كركلا شيئا من لا شيء. لم يكن السحر. كان القدر. لقد كان شجاعًا بما يكفي للدخول في معركة اعتقد الجميع أنه سيخسرها. رغم كل الصعاب، وبضربة من عبقريته، أوجد أول مسرح راقص في الشرق الأوسط، في وقت كان المجتمع ينظر للرقص نظرة سلبية. نصف قرن مر، وها هي الفرقة اليوم تتبوأ أعلى المراكز في المسارح العالمية.اعتاد الرومان أن يقولوا، "القدر صديق الشجعان". وآمل أن أكون أنا وشقيقتي أليسار بجانبي، شجعانًا بما يكفي لإحتضان هذا الإرث ومواصلة المسيرة".
وختم: "هذا الوسام يشكل حافزًا ليس فقط للاستمرار، ولكن أيضا للتطور في مسيرتنا الفنية نحو فن معاصر للزمن الآتي. يشرفني أن أتقدم بكامل الشكر والإمتنان من الحكومة الإيطالية وسفارتها في لبنان، على تشجيعهم للمبدعين اللبنانيين. كما أود أن أشكر سعادة السفير ماسيمو ماروتي، الذي كان له الفضل في ولادة هذا الوسام، وأشكر أيضًا ماركو دي ساباتينو على متابعته لجعل هذا التكريم ممكنًا. وأخيرًا أتقدم بكل التقدير والمحبة من سعادة السفيرة بومبارديري على تقديرها لرسالة مسرح كركلا الثقافية. ورغم كل الصعاب التي تمرّ علينا، سيبقى مسرحنا في خدمة رسالة لبنان الحضارية حول العالم. أشكر سعادتكم لمنحي هذا الشرف. إنها لحظة مضيئة في تاريخ مسيرتي الفنية".