متفرّقات
19 شباط 2021, 11:15

الأمم المتحدة تدعو إلى إعادة تصوّر المساواة من أجل القضاء على العنصريّة والتمييز

الأمم المتّحدة
يرى عدد من المراقبين أن العالم يدخل ما وصفوها بـ "مرحلة ما بعد التنوير" التي تتلاشى فيها القيم التنويرية، بما في ذلك التسامح والاحترام المتبادل ليحل مكانها تنامي المغالاة في القومية، والشعبوية، وكراهية الأجانب، والاعتقاد بتفوق العنصر الأبيض والنازية الجديدة.

جاء هذا التحذير من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن العالم مُبتلى بالعنصرية المقيتة الموجودة في كل مكان، مشددا على ضرورة إدانتها بدون تردد أو تحفظ.

كان الأمين العام يتحدث في فعالية، عقدها مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي، حول إعادة تصور المساواة من أجل القضاء على العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز خلال العقد الحالي المؤدي لعام 2030، موعد تحقيق أهـداف التنمية المستدامة.

وتُعد أجندة التنمية المستدامة، التي أقرها قادة العالم عام 2015، خارطة طريق نحو تعزيز العدالة والكرامة للجميع ومحاربة التمييز العنصري بكل أشكاله.

 

العنصرية وقرون الاحتلال والاستعباد

الأمين العام قال في كلمته إن جزءا كبيرا من العنصرية، متجذر بقوة في قرون من الاحتلال والاستعباد. وأضاف أن الظلم العنصري، وخاصة ضد المنحدرين من أصل أفريقي، سبّب صدمات ومعاناة عبر الأجيال. وشدد على ضرورة فعل أكثر مما ينحصر في مجرد إدانة أعمال العنصرية والتعبير عنها.

وأوضح غوتيريش أن هناك أبعادا عنصرية وتمييزية لتنامي معاداة السامية وكراهية المسلمين وإساءة معاملة بعض الأقليات المسيحية وغير ذلك من أشكال التعصب وكراهية الأجانب بأنحاء العالم.

وفي هذه المعركة الأيدلوجية، شدد الأمين العام على ضرورة التأكيد على القيم المشتركة المرتبطة بقوة بحقوق الإنسان والمتمثلة في المساواة وعدم التمييز والاحترام المتبادل.

كما يوجد بُعد اجتماعي واقتصادي قوي للعنصرية وكراهية الأجانب، يتجسد في محدودية فرص التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والعدالة. وقد كشفت جائحة كـوفيد-19 عن أوجه عدم المساواة، كما قال غوتيريش، وكانت إدانة دامغة للتحيز والتمييز المنهجيين.

 

الحد من انعدام المساواة بين الدول وفيما بينها

السفير الباكستاني منير أكرم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي قال إن أزمة كوفيد-19 كشفت انعدام المساواة في الحصول على الطعام والتعليم والسكن والخدمات الصحية وكفالة العدالة، كما شجعت كراهية الأجانب والتمييز.

وأضاف أن الحد من انعدام المساواة يقع في جوهر أجندة التنمية المستدامة ذات السبعة عشر هدفا، والتي يدعو هدفها العاشر إلى "الحد من أوجه عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها".

وشدد أكرم على أن السبيل الوحيد للقضاء على العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز هو التضامن والتعاون بين الدول والمجتمعات والأفراد. وأكد السفير الباكستاني ضرورة أن تضع النماذج الاقتصادية والأولويات والفرضيات، الناس في قلب الأولويات من أجل خدمة البشرية، وتفكيك النُظم التي تفاقم العنصرية وانعدام المساواة.

 

الحلول

ومع التعافي من الجائحة وبناء عالم أفضل، يتعين إبرام عقد اجتماعي جديد قائم على الشمول والاستدامة كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، بما يعني الاستثمار في التماسك الاجتماعي.

"فيما تصبح المجتمعات أكثر تعددا في العرقيات والأديان والثقافات، نحتاج استثمارات سياسية وثقافية واقتصادية أكبر في الشمول والتماسك لحصد فوائد التنوع بدلا من النظر إليه باعتباره تهديدا".

واستطرد الأمين العام قائلا إن كل المجموعات تتطلع إلى أن تُحترم هوياتها وأن يشعر أعضاؤها بالانتماء باعتبارهم أفرادا يتمتعون بالتقدير في المجتمع ككل.

وبالنسبة للأمين العام يعني النهوض بالمساواة للجميع، الشفافية والوصول المتساوي للخدمات والمشاركة ذات المغزى (في مختلف المجالات) بما في ذلك للمهمشين ومن يتم إقصاؤهم. وتعني المساواة أيضا المساءلة وكفالة العدالة بدون تمييز، وأن يخرج كل منا من النطاق المعتاد بالنسبة له وأن نقر بتحيزاتنا الكامنة ونعالجها، كما قال أنطونيو غوتيريش.

 

التصدي للعنصرية في الأمم المتحدة

وأشار الأمين العام إلى دعوته للعمل لتحديد ومنع العنصرية والتمييز العنصري والتصدي لهما داخل الأمم المتحدة. وقد أطلق، العام الماضي، حملة حوار وعمل لمعالجة العنصرية وتعزيز الكرامة الإنسانية بالأمم المتحدة.  

وتُشرف على هذه الأنشطة مجموعة عمل داخلية تقوم بتطوير خطة عمل استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز التنوع والشمول ووضع سياسات وأدوات تكفل توفير بيئة آمنة يمكن في إطارها الإبلاغ عن العنصرية داخل الأمانة العامة للأم المتحدة والوكالات الأممية، ومعالجتها بشكل سريع بدون خوف من أي أعمال انتقامية. ودعا الأمين العام الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم هذه الجهود.  

واختتم أمين عام الأمم المتحدة كلمته بالقول: معا، يمكننا إحداث تغيير في النُظم والمؤسسات وبناء عالم أكثر شمولا ومساواة واستدامة، وتعزيز التفاهم المتبادل والكرامة الإنسانية وإعادة تصور المساواة.