العراق
24 شباط 2021, 13:30

شبيبة سهل نينوى تهلّل للبابا والمطران موشي: مبارك الآتي باسم الرّبّ!

تيلي لوميار/ نورسات
تحت هذا الشّعار، هلّل نحو ألف شابّ وشابّة من مختلف مدن سهل نينوى للبابا فرنسيس، في أمسية انطلقت من تطواف من أمام كنيسة مار بهنام وسارة باتّجاه قاعة الهيثم في بغديدى، بحضور رئيس أساقفة السّريان الكاثوليك في الموصل وكركوك المطران يوحنّا بطرس موشي، والمطران ميخائيل نجيب ولفيف من الآباء والرّاهبات. وتخلّلت الأمسية صلوات وكلمات وفقرّات متنوّعة، واختُتمت بعشاء محبّة.

وللمناسبة، أصدر المطران موشي بيانًا نقله موقع "فضائيّة عشتار" أضاء فيه على معنى زيارة البابا فرنسيس إلى العراق وتحديدًا إلى قره قوش وبغديدى، وجاء في نصّه:

"زيارة لم تكن مفاجأة بقدر ما كانت، بالنّسبة لنا نحن أبناء قره قوش بالذّات، أملاً ورجاء كنّا دائمًا نأمل تحقيقه وننتظره بفارغ الصّبر، كيف لا وقداسة البابا هو أب للبشريّة كلّها، يشعر بكلّ ما يحدث لنا من مآسي ومضايقات، ويتحسّس بأحاسيسنا، ويقرأ ما يجول في عيوننا وتضمره قلوبنا، وتصدح به حناجرنا.

نجد في زيارة قداسته للعراق، وبالذّات لمناطقنا، ليس حجًّا لبلد إبراهيم أبي المؤمنين وأوّل الموحّدين فحسب، بل استكمال حجّه لمنطقة تستذكر يونان وتضمّ رفات ناحوم، وفيها أريقت دماء آلاف من المسيحيّين، منذ انتشار المسيحيّة فيها في القرون الأولى للمسيحيّة وحتّى يومنا، تشهد لذلك سهولنا وودياننا وتلالنا وجبالنا، إلى درجة أنّ كلّ حفنة من ترابها نشتمّ منها رائحة دماء وعرق آبائنا الّذين جاهدوا وصمدوا ثابتين فيها مسترخصين دماءهم، شهادة منهم للإنجيل الحيّ، يقدّمونها لكلّ من يخالطهم ويتعايش معهم.

زيارة قداسته لمنطقتنا تتضمّن معها رسالة حبّ، ونبأ سلام، وإعلان استقرار، وتثمين صمود أبناء المنطقة بعد كلّ ما عانى أهلها وقاسى من التّطرّف الدّينيّ المتشدّد والحاقد، من طرد وتهجير واقتلاع من جذورهم التّاريخيّة، وإبعادهم من مقدّساتهم، ومراقد أوليائهم وقدّيسيهم.

زيارة تقول لنا، نحن المسيحييّن، ولكلّ من يجاورنا من المكوّنات والدّيانات الأخرى، من الشّبك والكاكائيّة والإيزيديّة، أنا البابا، أحبّكم جميعًا، ومن دون استثناء، وأثمّن صمودكم، ولولا إيمانكم بالله الواحد وإصراركم على البقاء والعيش في أرضكم، لما أمكنني أن أحقّق اليوم رغبة تمنّاها وخطّط لها من سبقني بالبابويّة.

أجل، إنّها زيارة مرتقبة، تجلب إلينا البركة، وتزوّدنا بالنّعمة، وتمنحنا الشّجاعة، وتزرع فينا الأمل والرّجاء للثّبات والبقاء للمحافظة على تراث آبائنا، ولمواصلة نقل بشرى الإنجيل فيها، هذه البشرى الّتي حظيت بها وحصلت عليها منطقتنا منذ بدايات المسيحيّة، فالتّقليد يقول لنا إنّ توما بارك أرضنا وغرس بذرة الإيمان المسيحيّ الأولى فيها، وعلى إثره سار كلّ من الرّسولين: أدي وماري، ناقلي بشرى الخلاص إلى شرقنا.

زيارة أقلّ ما نقول عنها إنّها تزيدنا شرفًا وإكبارًا واعتزازًا، وتعلّقًا وتمسّكًا بمسيحيّتنا، وهي في الوقت ذاته دعمًا روحيًّا ومعنويًّا لنا، بل ودعوة، لنا ولجميع جيراننا، وهي تحثّنا على تواصل العيش المشترك وتحقيقه بين مختلف مكوّنات منطقتنا، عيشًا مبنيًّا على المحبّة والاحترام المتبادل.

قره قوش العين اليمنى للكنيسة السّريانيّة، وقلب المسيحيّة النّابض في سهل نينوى، السّبّاقة في قبول التّمدّن وعيش الحضارة ونشر العلم والثّقافة، فكانت رسولة وأمينة لما حظيت به وحصلت عليه، لتنقله بدورها وتزرعه في القرى المحيطة بها.

قره قوش صمّام الأمان لجميع القرى المحيطة بها، المسيحيّة والمسلمة، العربيّة والكرديّة والشّبكيّة والكاكائيّة والأيزيديّة، هي الّتي استهدفها داعش دون غيرها، عارفًا بأنّ زعزعتها هي سقوط البقيّة، وهذا ما جرى فعلاً، فما أن شعرت قره قوش بوصول الخطر إليها حتّى غادرها أهلها، ولحق بهم سكّان بقية المدن من دون سابق إنذار. وهكذا جرى أيضًا بعد تحرير مناطقنا، فما أن عاد أبناء قره قوش حتّى زاد اطمئنان القرى المجاورة، وقصد سكّانها العودة إلى قراهم.

أهالي قره قوش وكرمليس وبرطلة، البلدات المسيحيّة الثّلاثة في منطقة سهل نينوى الجنوبيّ، تقول لقداسته: مبارك الآتي باسم الرّبّ. هلّلويا. أوشعنا. فأهلاً وسهلاً برسول السّلام الّذي من قلبه ينبض الحبّ، ووجهه يوحي بالأمان، وابتسامته تضع الاطمئنان في النّفوس.

ومع ترحيبنا بقدوم قداسته ندعو الله أن يقبل الله حجّه، ويوفّق قداسته لتحقيق زيارته، وينجّح مساعيه لما فيه مجد الله وخير المنطقة والعالم كلّه. وأن يحفظ قداسته من كلّ ضرر، ويبعد عن العالم شرّ فايروس كورونا ونتائجها اللّعينة."