العراق
25 أيلول 2024, 13:00

الدعوات الكهنوتيّة في العراق إلى أين؟

تيلي لوميار/ نورسات
كتب البطريرك الكاردينال مار روفائيل لويس ساكوا، بطريرك الكنيسة الكلدانيّة في العراق والعالم نداءً إلى الإكليروس والمؤمنين بالعموم وبشكل خاصّ إلى كهنة الكنيسة الكلدانيّة وأولادها تحت عنوان "الدعوات الكهنوتيّة في العراق إلى أين؟"، نقلًا عن موقع البطريركيّة الكلدانيّة.

 

كتب البطريرك مار روفائيل لويس ساكو: "الدعواتُ الكهنوتيّة أساسيّة في الكنيسة لديمومة رسالتها وخدمتها. والرسامات الكهنوتيّة وقت نعمة مؤثّر جدًّا، للكاهن وللجماعة الكنسيّة. والله يمنح القوّة والنعمة، والنجاح لمن يسعى إليها.

المسيح هو حجر الزاوية في حياة الكاهن، لذا يوم رسامته، بعد مسح يديه، يُعطيه الأسقف الإنجيل ليحمله ويكرز به. توجد في كلّ كاهن بذرة قداسة، وعليه أن يعيشها متمثّلًا بالمسيح، أكثر من أيّ شيء آخر، لكن للأسف الواقع أبعد ما يكون عن ذلك".

تابع البطريرك ساكو: "كاهن اليوم يبحث عن البدائل ناسيًا قول يسوع: مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْينكر نَفْسَه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني (مرقس 8/ 34). ليعلم الكاهن أنّ سرّ قيامته هو في سرّ قيامة المسيح، أي عندما يتخلّى عن ذاته بحرّيّة عميقة ويعيش هذا الرجاء.

تواضع الكاهن الرصين وطاعته العميقة (عبرانيّين 10/ 5-7)، وفرحه المشعّ ، هذه كلّها تجلب الدعوات!"

ثمّ استشهد البطريرك بالبابا فرنسيس القائل: "الكاهن ليس رجل أعمال، كونوا كهنة للشعب، لا موظّفين، ‎لا تبحثوا عن المناصب، ‎ولا تركضوا وراء غرور المال، ‎فالكهنوت ليس مهنة بل خدمة.

رعاة يسيرون مع شعب الله. على الكهنة أن يكونوا رعاة، ‎لأنّ هذا ما يريده الربّ منهم، ‎أي أن يكونوا رعاة لشعب الله المؤمن (الصلاة من أجل الدعوات 25 نيسان 2024)".

كتب البطريرك أيضًا: "كنيستنا الكلدانيّة في العراق وفي بلدان الانتشار تشكو اليوم من "نقص" في الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة، والأسباب عديدة منها:

1. صخب التحوّلات الثقافيّة والاجتماعيّة، في عصر التقدّم التكنولوجيّ، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعيّ في نشر روح العالم، بدل التشجيع على تجسيد القيم الروحيّة والأخلاقيّة والثوابت الاجتماعيّة.

2. مثال الكاهن: سلوك بعض الكهنة ومواقفهم مشكّكة أحيانًا وهي أبعد ما تكون عن الانسجام مع روحانيّة الكهنوت والوفاء للكنيسة حتّى عندما يحتفلون بالأسرار وخصوصًا بالقدّاس الإلهيّ الذي يعتبر فنّ الاحتفال به بمثابة تعليم أسراريّ.

3. غياب "الحياة الجماعيّة" للكهنة التي هي دعم حقيقيّ للحياة الشخصيّة وللرسالة المشتركة، وتنقذهم من الوحدانيّة والعزلة!  

4. الهجرة: هاجر أكثر من ثلثي المسيحيّين إلى الغرب، ولحق بهم ما يقارب نصف كهنتنا في العراق لخدمتهم.

5. انخفاض عدد الولادات، بما أنّ معظم العائلات اليوم تميل إلى الاكتفاء بولد واحد او إثنين، بسبب تردّي الوضع الاقتصاديّ، والحروب المتكرّرة. كذلك، أشير إلى ظاهرة حاليّة مقلقة للعائلة والكنيسة هي عزوف الشباب عن الزواج!

6. عدم الاستقرار النفسيّ للشباب وسط هذه الظروف الصعبة في الداخل، وعدم التمكّن في الاندماج في بلدان الانتشار.  

7. عدم التشجيع على دخول المعاهد الكهنوتيّة، بسبب تعدّد النشاطات وانخراط الشباب في المعاهد التثقيفيّة ومشاركتهم في حياة الرعيّة، فلا يرون الحاجة إلى الكهنوت، بما أنّهم يضحّون من أجل الكنيسة بفرح!"

واصل البطريرك كلامه، كتب: "أشير هنا إلى أهمّيّة متابعة الأسقف لكهنته وإكليريكيّيه واحتضانه لهم. أذكر ألَمَ بعض الكهنة على يد مسؤولي الكنيسة. يجب أن يكون لدى الأسقف قلب الأب الشفّاف. هذا القلب يجب أن يشكّل المعيار الأوّل للرسامة الأسقفيّة.

لا تقلّ أهمّيّة مرافقة أبناء الرعيّة لكاهنهم، والعمل معه بشكل وثيق، وإظهار محبّتهم وامتنانهم للخدمة الكهنوتيّة. صحيحٌ أنّ دعوة المسيح للكهنوت هي دعوة شخصيّة، لكنّ الجماعة مسؤولة عن الدعوات ومشاركتها أساسيّة، لأنْ فيها تولد الدعوات وتنمو.

أقترح إخضاع طلّاب الكهنوت إلى فحص من قِبل عالِم نفسانيّ!!

أخيرًا، أتقدّم بالشكر والامتنان إلى الكهنة الملتزمين بكهنوتهم بإخلاصٍ وتفانٍ جميعهم، وإلى المؤمنين على محبّتهم لكهنتهم، والوقوف معهم في الحلو والمرّ. آمل أن تأتي جهودهم بثمر كثير (الدعوات).

أرفع عينَيْ إلى الحقول كما فعل يسوع، لأنّها قد ابيضّت للحصاد، وتحتاج إلى الحصّادين (مت 9/ 37)".