.. وانتقلت مريم العذراء بالنّفس والجسد
وفي الواقع، وبواسطة مريم "إبنة الآب، وأم الابن وعروس الرّوح القدس"، تحقّق المشروع الخلاصيّ. إذ منها تجسّد يسوع الكلمة، ومعها بدأت الشّركة بالرّوح القدس بين الله والإنسان. هي امتلأت من محبّة الله وخُلّصت بنعمة الابن وتقدّست بفعل الرّوح القدس.
وفي انتقالها بالنّفس والجسد مشاركة لقيامة الرّبّ وصعوده إلى السّماء مكلّلاً بالمجد. وإلى مصيرها هذا أشار سفر الرّؤيا (12/ 1 – 2؛ 5) حين قال يوحنّا: "ظهرت آية عظيمة في السّماء: امرأة ملتحفة بالشّمس والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا، حامل تصرخ من ألم المخاض… فوضعت ابناً ذكراً، وهو الّذي سوف يرعى جميع الأمم بعصًا من حديد" (رؤ 12، 1 – 2؛ 5).
وهذا ما أكّده أيضًا البابا بيوس الثّاني عشر حين قال: "إنّها لحقيقة إيمانيّة أوحى الله بها، أنّ مريم والدة الإله الدّائمة البتوليّة والمنزّهة عن كلّ عيب، بعد إتمامها مسيرة حياتها على الأرض نُقِلَت بجسدها ونفسها إلى المجد السّماوي"، وفي ذلك إشارة إلى أنّ الفساد لم ينل من مريم الكلّيّة الطّهارة، إذ "جنّبها الله وصمات الخطيئة الأصليّة" بحسب تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة. هي تغلّبت كيسوع على الموت فتمجّدت على مثال وحيدها "وأعطاها الرّبّ لتكون ملكة الكون، لتكون أكثر تطابقًا مع ابنه، ربّ الأرباب، المنتصر على الخطيئة والموت"، لذا لم يمسّها فساد القبر فنُقلت نفسًا وجسدًا إلى السّماء وهناك تتربّع ملكة عن يمين ابنها.
فيا مريم يا مثالاً لنا في الحياة والموت، يا شريكة يسوع بالفداء، ويا شفيعة الحياة والميتة الصّالحتين، نضرع إليكِ، في عيد انتقالكِ، سائلينك أن تحمينا من فساد الخطيئة فنستحقّ أن نُرفع إلى الآب أبناء صالحين، لأنّنا كلّنا ثقة أنّه "وإن كان جسمكِ بعيدًا منّا"، فإنّ "صلواتكِ هي تصحبنا وتكون معنا وتحفظنا"، الآن وفي ساعة موتنا.. آمين!