لبنان
24 أيار 2024, 06:15

"قضايا مشرقيّة"، عودةٌ إلى التراث والحضارة باتّجاه مستقبلٍ أفضل

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثاني المؤتمر الأكّاديميّ المشرقيّ الثاني بعنوان "قضايا مشرقيّة" الذي ينظّمه المركز المجريّ للدراسات المسيحيّة المشرقيّة ومركز المشرق للأبحاث والدراسات، بمشاركة عدد من الباحثين الأكّاديميّين والمختصّين في قضايا المسيحيّة المشرقيّة من مختلف البلدان، في المقرّ البطريركي في العطشانة، بكفيا.

 

حضر الافتتاح كاثوليكوس بيت كيليكيا الكبير للأرمن الأرثوذكس آرام الأوّل، السفير أسامة خشّاب ممثّلًا وزير الخارجيّة والمغتربين، المستشار الخاصّ لشؤون الأديان والدبلوماسيّة في وزارة الخارجيّة الهنغاربة مارك إرسيكي ممثّلا الوزير الهنغاريّ تريستان أزبي، سكرتير الدولة الهنغاريّة لشؤون مساعدة المسيحيّين المضطهَدين إلى جانب ممثّلين عن المطارنة وفاعليّات أكّاديميّة وباحثين ومهتمّين بقضايا مسيحيّي المشرق.

 

كانت كلمة للبطريرك مار أفرام الثاني كريم، رحّب فيها بالحضور وبشكل خاصّ بالباحثين الآتين من بلدانٍ قريبةٍ وبعيدة للمشاركة في أعمال المؤتمر جميعهم، واستهلّها على النحو التالي:  

 

"تعرفون الحقَّ والحقُّ يحرّركم". (يو 8: 32).

نلتقي اليوم في وقتٍ تتهاوى فيه القِيَمُ والأخلاق، وتُهانُ فيه كرامةُ الإنسان، وتسقط بلدانُ مشرقنا هذا، الواحد تلو الآخر، في حروبٍ ودمارٍ وانهيارٍ اقتصاديّ يضرب المواطنين، وبخاصّة الفقراء والمُحتاجين منهم، بقُوتِهم ودوائِهم وحاجاتِهم اليوميّة الأساسيّة، فيُفقدَهم كرامتَهم التي هي مِنحةُ الخالق لكلّ إنسان على هذه الأرض.

وكذلك، نتابعُ يوميًّا الوحشيّة الفظيعة التي يعانيها إنسانُنا المشرقيّ، وبالأخصّ الأطفال وكبار السنّ...أمام أنظار عالمنا  ومن ضمنه دولٌ تُدعى بالعظمى، مُظهِرَةً عظمتَها ليس من خلال إغاثة الضعيف أو الدفاع عن المظلوم، بل من خلال توفير المال والسلاح للظالم وحمايته في المنصّات الدوليّة".

وتابع البطريرك أفرام قال: "من هنا تأتي أهميّة هذا اللقاء الأكاديميّ الذي نأمل أن تسلّط أبحاثُه الضوءَ على نواحٍ مختلفة من حضارة المشرق وتراثه وتاريخه، وهو بحقّ منشأ الحضارة الإنسانيّة. ولأنّ الجهل هو عدوّ الإنسان الأوّل، فنحن مَدينون لأجدادنا في هذا المشرق كما للأجيال المقبلة، بأن نعود إلى تراثنا العريق وحضارتنا التي امتدّ تأثيرها إلى أنحاء العالم أجمع. نعود إليها لنتعلّمَ منها ونسترشِدَ سبيلَ مستقبلِنا لما فيه خير إنساننا ورفاهيّته وكرامته وهو أغلى ما تملكه أوطانُنا.  

إنّ المواضيع التي تتناولُها الأبحاثُ والدراساتُ التي تقدّمُها مجموعةٌ متميّزةٌ من الباحثين والباحثات في هذا المؤتمر، تتّصفُ بالجرأة والجدّيّة التي من خلالها نستطيعُ الحصول على خلاصات جيّدة تساعدُنا على الوصول إلى حلول لبعض مشاكلِنا المُعاصرة التي تُثقِلُ كاهِلَ الجميع.

وختم البطريرك كلمته قائلًا: "وكما نفهم من كلام السيّد المسيح القائل: "تعرفون الحقَّ والحقُّ يحرّركم" (يو 8: 32)، نحن بأمسّ الحاجة إلى اقتناء المعرفة المناسبة وذلك من خلال الجرأة في الطرح ومقاربة الأمور مهما كانت صعبة أو غير مُريحة، متحرّرين من الإرهاب الفكريّ المَقيت وتسييس التراث والتاريخ، وعدم الخوف ممّا يُعتَبَرُ تحدّيًا للقناعات المتكوّنة لدينا عبر السنين، أو الأفكار التي نتمسّكُ بها والتي قد تكون غير صحيحة، لكي نصل إلى الحقيقة. عندها، نستطيع القول إنّنا قادرون على التحرّر ممّا يُعيق تقدّمنا وازدهار أوطاننا وإتاحة الفرصة لأبناء مجتمعاتنا بالعيش الكريم كلّه."