لبنان
24 نيسان 2018, 12:14

آرام الأوّل: إبقوا ملتزمين في مواصلة النّضال من أجل مطالبكم المشروعة

في ذكرى الإبادة الأرمنيّة، ترأّس المطران طوركوم دونويان قدّاسًا إلهيًّا لراحة أنفس الشّهداء في كاثوليكوسيّة الأرمن الأرثوذكس- أنطلياس، حيث ألقى الكاثوليكوس آرام الأوّل رسالته بعد القدّاس أمام النّصب التّذكاريّ لشهداء الأرمن بحضور شخصيّات دينيّة وسياسيّة وحزبيّة، قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":

 

"إنّ وحي 24 نيسان يتجدّد مرّة أخرى ويجمع الأرمن في كلّ أرجاء العالم وهم يتأمّلون في معاني ورسالة هذه الذّكرى. لـ24 نيسان معان وتحدّيات عديدة في مفكّرة الشّعب الأرمنيّ. فهو اليوم الّذي يذكّرنا بالمطالبة بحقوق شعبنا المسلوبة وبالتّالي هو يوم استعادة الوعي والتأّكيد الذّاتيّ لكلّ فرد أرمنيّ الّذي يعترف بأصوله الأرمنيّة.
إنّ رسالة 24 نيسان تتخطّى قيود الزّمان والمكان، إنّها الوصيّة المقدّسة الّتي توحّد الأرمن حول قضيّة واحدة ألا وهي المطالبة بحقوقنا، هذه الوصيّة الّتي ورثناها من شهدائنا الّذين ترفّعوا إلى رتبة القداسة من قبل كنيستنا، ويتجاوز عددهم مليون ونصف مليون شهيد.
24 نيسان الّذي بات رمزًا لتطلّعات شعبنا السّامية، يدعونا اليوم إلى تجديد وفائنا للاستمرار في النّضال للوصول إلى مطالبنا المحقّة، وحقوق شعبنا المغتصبة. إنّ منفّذ الأبادة أراد، محو الأرمن من بين شعوب الكون وشطب أرمينيا من على خريطة العالم. إلّا أنّ للأمّة الأرمنيّة مكانة خاصّة اليوم بين أمم العالم وكذلك لوطننا الأمّ أرمينيا بجانب دول العالم. يقول الإنجيل "لا تخافوا الّذين يقتلون الجسد، ولكنّهم يعجزون عن قتل النفس"(متّى 28: 15).
ليواصل منفّذ الإبادة سياسته الإنكاريّة، ليواصل تشويه التّاريخ بتهديداته وخداعه، ليواصل في مواقفه المناهضة تجاه الأرمن، فلا جدوى مهما فعل. لقد بات العالم بأجمعه على يقين بأنّ الإبادة الأرمنيّة هي حقيقة تاريخيّة لا يمكن إنكارها ونسيانها.
في تركيا بالذّات بدأ المفكّرون والوسط الأكاديميّ كما وأفراد من المجتمع المدنيّ إثارة موضوع الإبادة الأرمنيّة رغم الضّغوط والقمع والحظر من قبل الدّولة التّركيّة. في هذه اللّحظة بالذّات ومن أمام رفاة شهدائنا الأبرار أناشد الحكومة التّركيّة أن تعترف بالحقيقة وبالجرائم الّتي خطّطها ونفّذها أسلافها. فلا يمكن طمر الحقيقة بتجاهلها أو إنكارها ومهما طال طمر الحقيقة في الغبار لا يمكن أن تضيع بل تشعّ كالذّهب.
واليوم لا يسعنا إلّا أن نعبّر عن امتنانا العميق لكلّ الدّول الّتي اعترفت بالإبادة الأرمنيّة متخطّية الصّعوبات الرّهيبة الّتي واجهتها. وبالمناسبة، نودّ أن نذكر من نفّذ الإبادة وكذلك المجتمع الدّوليّ بأنّ الاعتراف بالإبادة الجماعيّة للأرمن ليس غاية بحدّ ذاته ولا نهاية القضيّة. أودّ أن أذكر أيضًا بأنّ وفقًا للقانون الدّوليّ، الاعتراف بالإبادة الجماعيّة لا ينتهي بالعقوبة المحدّدة وإنّما باسترداد كامل الحقوق والتّعويض المادّيّ والمعنويّ.
لنلق نظرة على اتّفاقيّات الأمم المتّحدة والّتي تركيا بدورها اعترفت بها، حيث تحدّد بوضوح المبادىء والسّبل لاسترجاع الحقوق المغتصبة والتّعويض عن الخسائر الفادحة. اليوم لا نطالب بالاعتراف فحسب، وإنّما نطالب بكامل حقوقنا المشروعة، نطالب بآلاف الكنائس والأديرة والأوقاف الدّينيّة والمعالم التّراثيّة والثّقافيّة المسلوبة كما والممتلكات الفرديّة للأرمن. وفي هذا الصّدد نشير إلى أنّنا في عام 2015 تقدّمنا بدعوة قضائيّة مدروسة بدقّة أمام المحكمة الدّستوريّة العليا في تركيا كخطوة أولى، ومن ثمّ أمام المحكمة الأوروبّيّة لحقوق الإنسان مطالبين باستعادة الملكيّة العقاريّة لكاثوليكوسيّة بيت كيليكيا في مدينة سيس (قوزان حاليًّا). إلّا أنّه في كلتي الحالتين رفضت دراسة الدّعوة، ولم ترفض الدّعوة، ورغم ذلك قرّرنا الاستمرار في الإجراءات القضائيّة بهذا الصّدد.
لقد عانت كاثوليكوسيّة بيت كيليكيا تحت وطأة الدّولة العثمانيّة وتعرّضت مع شعبها للإبادة والنّفي. وها هي اليوم، وبفضل الإيمان العميق لقيادتها الرّوحيّة وإيمان وتضحيات الشّعب الأرمنيّ وإصرارهم على استرجاع حقوقهم المشروعة، تلعب كاثوليكوسيّة بيت كيليكيا وبالتزام كامل دورًا محوريًّا في النّضال من أجل قضيّتنا المحقّة في سبيل استرجاع حقوق شعبنا المغتصبة".
وختم: "وفي هذه اللّحظة أقول لكم: إصغوا لنداء وصرخة شهدائنا الآتية من هذا المكان المقدّس وهم يقولون: أثبتوا بإيمانكم الرّاسخ، كونوا أقوياء في انتمائكم الأرمنيّ، كونوا متمسّكين ولا تفرّطوا في وحدتكم القوميّة. إبقوا ملتزمين في مواصلة النّضال من أجل مطالبكم المشروعة".