لبنان
26 كانون الأول 2023, 09:45

يونان في الميلاد: سنبقى على هذه الأرض مهما عصفت العواصف والقلاقل والحروب

تيلي لوميار/ نورسات
مستهلّاً قدّاس الميلاد بالرّتبة الخاصّة بالعيد بحسب الطّقس السّريانيّ الأنطاكيّ، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بميلاد الرّبّ يسوع صباح الإثنين في كنيسة القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ- المتحف، فرنّم الإنجيل المقدّس من بشارة القدّيس لوقا، ثمّ أضرم نارًا في موقدة وُضِعت في وسط الهيكل، وزيّح فوقها الطّفل يسوع. بعدئذٍ طاف في زيّاح حاملاً الطّفل يسوع، يتقدّمه الكهنة والشّمامسة والأطفال، فيما الجوق ينشد تسبحة الملائكة المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السّلام والرّجاء الصّالح لبني البشر"، وترانيم الميلاد، ليوضَع بعدها الطّفل يسوع في المكان المرموز به إلى المذود في المغارة الّتي نُصِبَت داخل الكنيسة.

وبعد الإنجيل المقدّس، بدأ يونان عظته بالتّحيّة الميلاديّة "وُلد المسيح... هلّلويا"، وألقاها تحت عنوان "الله يكلّمنا بابنه"، وقال بحسب إعلام البطريركيّة إنّ "عيد الميلاد هو عيد الفرح، عيد البهجة، عيد العائلة الّتي تلتقي معًا، كبارًا وصغارًا، كي يحتفلوا بهذا الحدث الأعجوبيّ الّذي نؤمن به، ميلاد الرّبّ يسوع في بيت لحم. فعندما نقول إنّ الرّبّ يسوع هو كلمة الآب الأزليّ، نعلم أنّه هو مولود من الآب، والكلمة تعني أفضل ما للكائن العاقل، فالله بكلمته خلق العالم. لذلك، كما سمعنا من الرّسالة إلى العبرانيّين، الله كلّم البشر في آخر الأزمنة بابنه الوحيد".

وتابع: "في اللّغة السّريانيّة نرتّل، كما فعلنا منذ قليل، "ܒܬܘܠܬܐ ܝܠܕܬ ܕܘܡܪܐ" (لقد ولدت البتول عجبًا)، وفعلاً عندما نعيّد عيد ميلاد الرّبّ، نتذكّر أنّ ميلاد الرّبّ بالجسد من مريم العذراء هو عظيم وعجيب، لا نقدر أن نفهمه بعقلنا البشريّ. لذلك نسمّيه سرّ التّجسّد، بمعنى أنّ الله الآب، بمحبّته لنا نحن البشر، أرسل ابنه، كلمته، متجسّدًا من مريم البتول، وهذا ما سمعناه من الإنجيل المقدّس. كما سمعنا أيضًا من القراءة من إشعيا النّبيّ، وهو من أهمّ الأنبياء من العهد القديم، من القرن الثّامن قبل الميلاد، وهو الّذي تنبّأ قائلاً: ها هي البتول تحمل وتلد ابنًا، ويُدعى اسمه عمّانوئيل، هو الله معنا".

ولفت إلى أنّنا "عندما نحتفل بعيد الميلاد، نحتفل بالفرح، ونتبادل التّهاني، لاسيّما بين الأهل وأفراد العائلة، ومع أولادنا وشبابنا، والّذين يريدون حقيقةً أن يبقوا متعلّقين بلبنان. وهذا ما نريده لهم، لأنّه مهما كانت الظّروف حالكة في لبنان، سنظلّ متمسّكين ومتجذّرين في هذه الأرض الطّيّبة، أرض آبائنا وأجدادنا، رغم كلّ ما يحدث".

وتساءل "عن هذا العجب، كيف أنّ الرّبّ يسوع، وهو ملك السّلام، يأتي إلينا، والعالم يتخبّط بحروب وبانقسامات مخيفة، وحتّى في الكنيسة، وللأسف هناك من يدعو إلى تغيير الأخلاق المسيحيّة، وهذا الشّيء ضدّ مفهوم العائلة، العائلة المسيحيّة المؤسَّسة على الأب والأمّ والأولاد، وبالإمكان القول شبه العائلة المقدّسة، الطّفل الإلهيّ الرّبّ يسوع ومريم ويوسف".

وتضرّع "إلى الرّبّ كي يقوّينا ويقوّي إيماننا ورجاءنا، ونحن نتابع شهادتنا في أرضنا ووطننا لبنان، وسنبقى على هذه الأرض مهما عصفت العواصف والقلاقل والحروب"، مستذكرًا "جميع الّذين يعيشون هذه الأيّام بحزن وألم، ولاسيّما أهلنا الأعزّاء في قره قوش (بغديده)- العراق، حيث العدد الأكبر من السّريان الكاثوليك في العالم، والّذين فُجِعوا للأسف الشّديد في ٢٦ أيلول الفائت بفاجعة العرس الّتي راح ضحيّتها ١٣٣ شخصًا، فضلاً عن مئات الجرحى"، سائلاً "الله أن يرحم نفوس الضّحايا، ويشفى الجرحى، ويعزّي قلوب الأهل والأحبّاء".

وتناول البطريرك يونان الأوضاع الرّاهنة في المنطقة، متطرّقًا إلى أحوال "الّذين يعانون بسبب الحرب في الأراضي المقدّسة، وخاصّةً في غزّة، وكذلك أهلنا في الجنوب اللّبنانيّ، كي يستطيعوا أن يصبروا ويترفّعوا على آلامهم، ولا ينسوا أنّ الرّبّ يسوع قد جاء ليحلّ الأمن والسّلام، لكنّ الإنسان بخطيئته هو الّذي يرفض هذا الوعد بالسّلام والأمان".

وإختتم مبتهلاً "إلى الرّبّ يسوع، الطّفل الإلهيّ المولود في مذود بيت لحم، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النّجاة، ومار يوسف حامي العائلة المقدّسة، كي يؤهّلنا أن نعيّد جميعنا أعياد فرح وسلام ومحبّة".

وبعد البركة الختاميّة، تقبّل يونان التّهاني من المؤمنين مع التّمنّيات بالصّحّة والعافية والعمر المديد.