يونان احتفل بالقدّاس الإلهيّ في سيّدة النّجاة أوكفيل- تورونتو
في عظته بعد الإنجيل المقدّس، عبّر يونان عن فرحه الكبير بالاحتفال بهذا القدّاس للمرّة الأولى في هذه الكنيسة الجديدة، قائلاً: "يغمرنا الفرح جميعًا أن نأتي إليكم في زيارتنا الأولى إلى هذه الكنيسة الّتي استطعتم بنعمة الله أن تحصلوا عليها، كي تكون بيت الرّبّ لجماعتنا السّريانيّة والمسيحيّين في أوكفيل والمناطق المجاورة. هذا الإنجاز هو إنجاز تاريخيّ، ونشكر الله لأنّه تحقّق، ونشكركم جميعًا، بدءًا من سيادة المطران مار فولوس أنطوان، وكاهن الرّعيّة أبونا منهل، والكهنة الّذين يساعدونه، ومجلس الرّعيّة، ولجنة شراء الكنيسة، وأنتم تتّكلون على الله، وتجاهرون بالقول: يا ربّ ما أجمل أن نكون معًا إخوةً وأخواتٍ في بيتك المقدّس.
وأشار إلى حضور "سيادة المطران مار برنابا يوسف الّذي كان أيضًا مطرانكم هنا، وقد جئنا معًا من ميشيغان– الولايات المتّحدة الأميركيّة، كي نهنّئكم على هذا الإنجاز، ونحتفل معكم بهذه اللّيتورجيّة الإلهيّة لأوّل مرّة في هذه الكنيسة الّتي استطاعت رعيّة مار يوسف، وهي باكورة كنائسنا في تورونتو– أونتاريو، أن تحقّق هذا الإنجاز، بتضحية وعطاءات المؤمنين الأحبّاء".
وتابع: "سمعنا من رسالة مار بولس هذا الإعلان حيث يقول رسول الأمم إلى أهل فيليبّي: أنا مسرور لأنّكم بروح واحدة، نعم نحن المسيحيّين علينا دومًا أن نفتخر بعيش المحبّة الحقيقيّة بروح واحدة، مهما كانت اختلافات نظرتنا إلى الأمور، ومهما كانت الصّعوبات والتّحدّيات، ومهما كانت العقبات أمامنا كعائلة روحيّة واحدة. علينا أن نكون روحًا واحدة، وهذا أيضًا يذكّرنا به لوقا البشير عندما كتب سفر أعمال الرّسل، بقوله: وكان المسيحيّون، المؤمنون، تلاميذ المسيح، روحًا واحدة وقلبًا واحدًا.
النّصّ الّذي تُلي علينا منذ قليل من الإنجيل المقدّس عن موضوع الرّئاسة ومعناها حسب المفهوم البشريّ. أرادت أمّ يعقوب ويوحنّا ابني زبدى أن يظهر ابناها بين الآخرين وأن يعطيهما يسوع مكانةً، واحدًا عن يمينه والآخر عن يساره في ملكوته، إذ اعتقدوا أنّ يسوع آتٍ كي يؤسّس مملكة على الأرض. ويسوع، بنفيه لهذا الطّلب، يعلّمنا أيضًا تعليمًا ومبدأً خالصًا عن معنى الرّئاسة في الكنيسة. الرّئاسة في الكنيسة هي خدمة، سواء أكان الشّخص بطريركًا أو مطرانًا أو كاهنًا أو شمّاسًا أو عضوًا في لجنة الكنيسة أو في أخويّة، فمهما كان دورنا يجب أن نفهم أنّنا مدعوّون كي نخدم ونبذل ذواتنا من أجل بناء كنيسة الرّبّ، ومن أجل خلق مناخ من المحبّة والأخوّة والاحترام المتبادل، كي يؤمن الآخرون أنّنا تلاميذ المسيح.
في أنطاكية الّتي نعود نحن إلى بطريركيّتها، كان النّاس الّذين يعاينون التّلاميذ الأوّلين وهم يؤمنون ببشارة الرّسل، يقولون عنهم: أنظروا كم يحبّون بعضهم بعضًا. إذًا كانت المحبّة الصّفة الأساسيّة للمسيحيّة، فلا نفكّر كما نسمع عن المحبّة والحبّ في الأغاني والأفلام، ولا نعتقد أنّه من الصّعب علينا عيش المحبّة، إذ أنّ كلّ واحد منّا يستطيع أن يحبّ محبّة خالصة، وهذا الأمر يفترض وجود تضحية، بدءًا من محبّتنا لله، ومحبّتنا في العائلة. فيجب أن يدرك الزّوج والزّوجة أنّ على محبّتهما أن تستمرّ طوال الحياة، لأنّهما وعدا أحدهما الآخر أن يحبّا بعضهما بعضًا، وأن يؤسّسا حقيقةً كنيسة بيتيّة."
وأضاف: "لكلّ شخص طباعه وظروفه ونقائصه، لكن علينا ألّا نسمع فقط للإعلام ولوسائل التّواصل الاجتماعيّ الّتي تركّز على ما يُسمَّى بالحرّيّة الفرديّة حتّى الانفلات. يجب أن نعرف أنّنا جُعِلْنا كي نحبّ بعضنا بعضًا ونكون شعب المحبّة الحقيقيّة، فالآباء والأمّهات يحبّون أولادهم، ليس لأنّ أولادهم هم لعبة في أيديهم، لكنّ أولادهم هم أبناء وبنات الله، ويجب على الأهل أن يربّوهم بكلّ محبّة وحنان، ويرافقوهم كي يصلوا إلى نضوجهم الإنسانيّ والمسيحيّ".
وذكّر أنّه "في الأيّام القادمة، بدءًا من الخميس حتّى الأحد، سيُعقَد مؤتمر للشّبيبة في ميشيغان، وهذا المؤتمر مفتوح لشبيبة الرّعايا في أميركا، لكن نتمنّى بإلحاح أن يكون لشبيبتكم أيضًا حضور قدر المستطاع في هذا المؤتمر، ويلتقوا بإخوتهم وأخواتهم من باقي الرّعايا، ويصلّوا معًا، ويفكّروا ويتبادلوا أحلام العيش المسيحيّ في هذه البلاد الّتي أصبحت حياتنا فيها للأسف صعبة وتحدّياتها كبيرة جدًّا.
وفي ختام عظته، ضرع يونان "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، شفيعة هذه الكنيسة الجميلة، سيّدة النّجاة، والّتي تذكّرنا بكاتدرائيّة سيّدة النّجاة وبشهدائنا الأبرار، وسائلينه أن يبارككم على الدّوام، ويجعلكم شعب الفرح والسّلام والرّجاء".
وكان المطران ناصيف قد ألقى كلمة في بداية القدّاس عبّر فيها عن فرح الرّعيّة بهذه الزّيارة، داعيًا الجميع إلى الصّلاة معًا وتقدمة القدّاس على نيّة البطريرك يونان، "وعلى نيّة خدمته ورعايته للكنيسة ومشاريعه، وعلى نيّة كلّ الزّيارات الرّاعويّة الّتي يقوم بها، أكانت زيارة راعويّة رسميّة أو زيارة خاطفة كزيارته الأبويّة لنا اليوم، والّتي تكون أحيانًا كثيرة أجمل من الزّيارات المُحَضَّرة والمُهَيَّأة مسبقًا".
وقبل نهاية القدّاس، كانت كلمة بنويّة الأب منهل حبش توجّه بها إلى البطريرك يونان شاكرًا إيّاه على هذه "الزّيارة المفاجئة والرّائعة"، طالبًا صلواته وبركاته لهذه الرّعيّة.
بعدها منح البطريرك يونان بركته الختاميّة، وانتقل إلى قاعة الكنيسة حيث قطع قالب الحلوى مع الجميع احتفاءً بالمناسبة.