لبنان
23 تشرين الثاني 2022, 14:50

"وتجسّد لأجل خلاصنا"... بقلم البروفيسور الأب يوسف مونّس

تيلي لوميار/ نورسات
مع دخول زمن الميلاد، يغوص البروفيسور الأب يوسف مونّس في هذا السّرّ العجيب في مقال جديد، وصف فيه الميلاد بـ"لحظة تفجّر الحضور الإلهيّ"، فكتب:

في الفكر اليونانيّ الهلّينيّ الإغريقيّ، الإنسان كائن مشلوح وحيدًا في الكون، والله غائب عن الإنسان والكون. الإنسان متروك لقدره ومصيره في غربة وكآبة ووحدة كيانيّة وجوديّة متجذّرة في قعر الوجود والوجدان والكيان الإنسانيّ. إنّها القدريّة العمياء والعبثيّة الصّمّاء القاسية تقود وتدفع بالإنسان والزّمن والتّاريخ. الكائن الإنسانيّ يعيش هذه القدريّة العمياء الصّمّاء دون رجاء.

وكان الميلاد لحظة تفجّر الحضور الإلهيّ لمحبّة الإنسان والعناية به وخلاصه من الموت والخطيئة. الميلاد قصّة حبّ الله للإنسان وعدم تركه لوحده في وجوده. بالميلاد تلاقت الأنتروبولوجيا الإنسانيّة بالتّيولوجيا الإلهيّة حتّى أنّ حبّ الله للإنسان دفعه ليموت من أجله على الصّليب ويبذل ذاته حبًّا حتّى الموت، موت الصّليب. من هنا فإنّ فرح الميلاد يمتزج بفرح القيامة والخلاص.

 

التّجسّد هو سرّ لقاء الله بالإنسان

تجسّد الله هو سرّ لقاء اللّاهوت بالنّاسوت حيث بقيت الذّات الإلهيّة كاملة الصّفات، والإنسانيّة حافظت على خصوصيّتها دون أن تحرقها النّار الإلهيّة. هذا اللّاهوت الرّائع للتّجسّد حمله الموارنة في كلّ تاريخهم وطقوسهم وحياتهم وفولكلورهم ومعتقداتهم وتفكيرهم اللّاهوتيّ عن سرّ التّجسّد، أيّ أنّهم لم يتبعوا المشيئة الواحدة ولا تبعوا الطّبيعة الواحدة، بل تبعوا ما علّمه وأعلنه المجمع الخلقيدونيّ أيّ أنّ المسيح شخص كامل وله مشيئة كاملة وطبيعة كاملة. وهو شخص واحد كامل الذّات والصّفات. هذا هو المعنى اللّاهوتيّ الحقيقيّ للعيد.

 

العيد له معنى اجتماعيّ أيضًا

لا ينبغي أن نكتفي بالمظاهر الخارجيّة للعيد من شرب وأكل ولباس وثياب جديدة، بل واجب علينا أن ننزع البغض والحقد من قلوبنا ومصالحة من نحن بِعداء معهم. ويجب علينا أن نذهب لمساعدة الفقراء والمحتاجين واليتامى والأرامل لأنّ المسيح هو ساكن في قلوبهم وحياتهم، ومن أعطى فقيرًا أو محتاجًا فقد أقرض الله، ومن تصالح مع الآخر فقد شهد أنّ يسوع المحبّة قد ولد حقًّا من قلبه.