أميركا
04 تشرين الأول 2018, 08:34

ماذا قال البطريرك الرّاعي في قدّاس تدشين كنيسة مار شربل- ميسيساغا- كندا؟

ألقى البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي عظة في قدّاس تدشين كنيسة مار شربل الجديدة في ميسيساغا– تورونتو– كندا، والّذي قام خلاله بتبريك تمثال مار شربل في باحة الكنيسة، فقال:

 

"عندما أعلن سمعان بن يونا إيمانه بيسوع وهو إيمان ملهم من الله وقال له أنت هو المسيح ابن الله الحيّ، حوّله يسوع إلى صخرة فسمّاه بالآراميّة السّريانيّة كيفا الّتي ترجمتها بطرس، جعله صخرة وعليها بنى الكنيسة ووعد أنّ قوى الشّرّ لن تقوى عليها. وبدوره بطرس الرّسول سمّى المؤمنين ونحن منهم حجارة إيمان حيّة تشيّد بيت الله المقدّس وهو الكنيسة. نحن اليوم في هذا الاحتفال نجدّد هويّتنا المسيحيّة بأنّ كلّ واحد وواحدة منّا هو حجر إيمان حيّ في بناء بيت الله الّذي هو الكنيسة.

يسعدنا ان نحتفل معكم بتبريك الكنيسة الجديدة على اسم مار شربل. هي كنيسة صخريّة جميلة. كرّسناها لكنّنا نحن تكرّسنا كنسيًّا يوم اعتمدنا ويوم مسحنا بالميرون، فأصبح كلّ واحد منّا هيكل الله وأصبحنا كجماعة كنسيّة المسيح البشريّة. فرح كبير أن نحتفل معكم اليوم بهذا التّكريس، والفرحة تكبر لأنّنا نزوركم في هذه الزّيارة الرّاعويّة الثّانية وقد أنهينا مع المطارنة في أبرشيّات الانتشار والرّؤساء العامّين اجتماعنا في اللّقاء الخامس الّذي عقدناه في مونتريال، وهذا المؤتمر لم يكن فقط مؤتمر شؤون ودراسات وإنّما كان لزيارة عدد من رعايانا ومن بين هذه الرّعايا الّتي زرناها والّتي تفوق الثّماني، ها نحن معكم سعداء وأنتم تحتفلون ببناء الكنيسة الجديدة. جئنا نلتمس صلاتكم نحن أيضًا لنواصل رسالتنا في بلدان الانتشار. لقد رأينا بأمّ العين جمال كنيستنا وهويّتها بفضل رعاية راعي الأبرشيّة ومساعدتكم وعندما رأينا العائلة متماسكة مصلّية فرحنا كثيرًا ورأينا أجيالنا الجديدة بالمئات يتحلّقون حول الكنيسة وفي المذبح ويعيشون بفرح إيمانهم المسيحيّ، وهذا زادنا أملاً ورجاءً كبيرًا بمستقبل أفضل. ولكن في الوقت عينه وفيما نحن نراكم بهذا العدد الكبير كما رأينا سواكم في الرّعايا الأخرى، نشعر بحاجة ماسّة لمزيد من التّرابط بين أبرشيّاتنا في الانتشار والكنيسة الأمّ في لبنان وفي الأوطان العربيّة بالنّسبة لمختلف الكنائس، كي تظلّ هذه الرّوابط حيويّة إذ تحملون دائمًا تقاليدكم وتراثكم اللّيتورجيّ والرّوحيّ والتّنظيميّ وتشهدون بإيمانكم في الكنيسة والمجتمع الكنديّ.

نشكر الله عليكم لكنّنا أيضًا نشاطركم كما غيركم القلق على الحالة والأوضاع الّتي يعيشها لبنان وبلدان الشّرق الأوسط. نعم نحن في قلق لأنّ هذا النّزيف في الهجرة يعود إلى الأزمات الاقتصاديّة والسّياسيّة وإلى الحروب الدّائرة في المنطقة. لكن مع هذا نتمسّك بإيماننا ونتذكّر أّنّنا لسنا في الشّرق عابري سبيل وإنّما نحن هناك منذ 2000 سنة مؤمنون على الجذور المسيحيّة، ففي شرقنا تجلّى كلّ سرّنا وبدأ تاريخ الخلاص ورفع صليب الفداء وتأسّست الكنيسة وانطلق إنجيل المسيح إلى العالم كلّه، لذلك يجب أن نتّحد ونترابط ونتساعد لكي نحافظ على وجودنا هناك.

جميلة كنيستكم الحجريّة ونسمّيها مدرسة الإيمان حيث تنالون نعمة الإيمان من خلال سماع كلام الله والأناشيد والصّلوات وتعليم الكنيسة والكرازة. هنا مدرسة الإيمان وتتعرّف أكثر فأكثر على سرّ المسيح وهنا سرّ الكلمة نعيشها على المائدة السّرّيّة كلمة الله الّتي نؤمن بها نقبلها هنا ونعلنها ونحتفل بها ليتورجيًّا ونعيشها في العائلة والمجتمع والدّولة. هذه هي أبعاد إعلان سمعان بن يونا إعلانه إيمانه بيسوع "أنت هو المسيح المنتظر والمرسل، أنت حامل الخلاص إلى العالم، أنت ابن الله الّذي أتى إلينا لكي يفتح لنا الطّريق الى الله". ولكنّنا مدعوّون لنكون كنيسة بشريّة جميلة نعمل على أن نكون حجارة حيّة جامعة مؤمنة في صرح كنيسة المسيح الإنسانيّة.

نصلّي من أجل السّلام في بلدان الشّرق الأوسط ومن أجل عودة جميع اللّاجئين والنّازحين إلى أوطانهم وبيوتهم لكي يستعيدوا تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم لكي يجدوا الخوف لكي يحافظوا على هذا التّاريخ المجيد. ونصلّي من أجل المسؤولين ليلهمهم الله ويعطيهم نعمة التّجرّد والتّفاني والخروج من المصالح الذّاتيّة ويؤلّفوا حكومة تتحمّل مسؤوليّاتها وتواجه هذه الموجة العارمة من الفقر عند الشّعب اللّبنانّي ما يضطرّ أجيالنا لمغادرة الوطن الحبيب.

ولكّنني أشكركم على دعمكم لأهلكم في لبنان ومساعدتكم لهم لكي يحافظوا على حضورهم هناك.

أيّها الرّبّ يسوع بشفاعة مار شربل قدّيس لبنان الّذي أصبح قديس العالم، نسألك اليوم أن تجعل منّا حجارة حيّة فنبني بها كنيستك البشريّة لتكون نشيد مجد دائم".