العراق
02 شباط 2023, 12:15

ساكو: رسالة الباعوثا للانفتاح وليس للعنصريّة، للسّلام وليس للحرب

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو في قدّاس ختام صوم الباعوثا الّذي ترأّسه بعد إحياء رتبة الباعوثا والّتي تضمّنت سلسلة من الميامر الشّعريّة لمار أفرام ونرساي ومداريش وطلبات وألحان.

خلال القدّاس، ألقى ساكو عظة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "يحمل سفر يونان رسالة متوازية في منتهى الوضوح لتجنّب خطرين أساسيّين للبشريّة: العنصريّة، الأصوليّة الدّينيّة والقوميّة، والحرب وحبّ السّيطرة. تتدرّج كلّ المشاهد بأسلوب مسرحيّ إلى إعلان التّوبة. ونرى آية يونان في كرازة يسوع ودعوته إلى التّوبة (متّى 12/ 40-42).

يونان بطل الرّواية يهوديّ أصوليّ متطرّف وأنانيّ، يُظهر الكاتب ذلك من ردّات فعله: تمرّده ورفضه الذّهاب إلى نينوى لأنّها في عقيدته مدينة وثنيّة عدوَّة غزت مملكة إسرائيل نحو سنة 740 قبل الميلاد.

في قراءة لاهوتيّة معمّقة للسِّفر، نجد أنّ للكاتب رؤية نبويّة إيمانيّة ومنطقيّة لدعوة النّبيّ، وللدّور الهامّ الّذي ينبغي أن يلعبه في إشاعة ثقافة الانفتاح على كلّ الشّعوب كجزء من تصميم الله الخلاصيّ. هذا ما فهمته الكنيسة المسيحيّة منذ تأسيسها وعاشته.

يوجّه الكاتب المُلهَم كلامه إلى يونان "النّبيّ" من خلال حركات مسرحيّة للذّهاب إلى نينوى (المدينة العظيمة) لكي تتوب عن حروبها وتكفّ عن الاستيلاء على جيرانها…

أحداث السّفر الّتي ترسم ردّات فعل  يونان: من الهَرَبْ إلى الاتّجاه المعاكس، ثمّ طاعة أمر الله بالعودة إلى نينوى للوعظ، واستجابة سكّان نينوى قاطبة إلى التّوبة والتّغيير، وغضب يونان من الله وطلبه الموت لأنّه كان يتمنّى أن يمحو نينوى من الوجود، وقول الله ليونان: لقد أشفقتَ على نبتة الخروع الّذي يبس، أفلا أشفق أنا على نينوى؟" (4/ 10-11)، وجواب يونان: "علمتُ أنّكَ إلهٌ رؤوف غفور وكثير الرّحمة"، لينتهي السِّفر بتوبة نينوى الوثنيّة…. ، وتوبة يونان في النّهاية، ممّا جعل مار افرام يكتب في ميمر (مقالة) عن الباعوثا: طيونان ونينوى نموذج للتّوبة". الخلاصة أنّ الله الرّحوم والغفور أبعد وأقوى من هذه العقليّة المتطرّفة الّتي لا تعدُّ انتصارًا… هذه ما ينبغي أن يفهمه المتعصّبون الدّينيّون والقوميّون الّذين يقسموا البشر على فكرهم.

هذه الرّسالة النّبويّة حاضرة اليوم وضروريّة للعالم أجمع، خصوصًا أنّ الأصوليّة الدّينيّة والقوميّة متفاقمة في الكثير من الدّول، والعنف والحروب مستمرّة تهدّد السّلم العالميّ.. أوكرانيا وروسيا، إسرائيل وفلسطين، واليمن والوضع غير المستقرّ في العراق وسوريا ولبنان.

العبرة من السِّفر أن يتمّ كلّ شيء بالانفتاح والمحبّة وليس بالكراهيّة أوبالسّلاح والسّيطرة…

رجائي أنّ صومنا يجلب السّلام للعالم".