لبنان
19 نيسان 2023, 10:20

جماليّة قصّة الشّهيد البطل مار جرجس... قراءة أنتروبولوجيّة

تيلي لوميار/ نورسات
على عتبة الاحتفال بعيد القدّيس جرجس في الثّالث والعشرين من نيسان/ إبريل الجاري، يتناول البروفيسور الأب يوسف مونّس قصّة هذا الشّهيد من نظرة أنتروبولوجيّة، فيكتب في سطوره التّالية:

"من رؤية بنيويّة structuraliste أنتروبولوجيّة، كلّ عناصر الجماليّة الاستتيكا esthetica موجودة في حياة الشّهيد البطل مار جرجس: العذراء النّقيّة الجميلة البريئة الّتي اختيرت لتكون ضحيّة للوحش، الوحش الهاجم بشراسة التّنّين لينهش لحم الضّحيّة الوحيدة البريئة الّتي ستنغرز في لحمها أنياب الوحش.

الجماعة الواقفة "تتفرّج" تشاهد هذه الذّبيحة المقدّمة على شواطئ رمال بيروت الجميلة.  

الجماليّة الأنتروبولوجيّة تطغى على المشهديّة والاحتفاليّة المأساويّة.

الشّعب يشاهد المأساويّة دون أيّة جرأة على رفض هذه المشهديّة المفجعة. الإنتظار سيّد اللّحظات الدّمويّة، من سينقذ الضّحيّة البريئة من الموت بنهش أنياب الوحش الجارحة. العذراء البرئية العاجزة تنظر إلى السّماء وترسل المنقذ: Le sauveur.

ويطلّ البطل آتيًا كالبرق على فرس أبيض. لنلاحظ هنا أهمّيّة أنتروبولوجيّة الألوان: وجه العذراء وثوبها أبيضان كالثّلج، فرس البطل أيضًا أبيض كالثّلج. الوحش أسود اللّون وعيناه تشعّان بضوء عتمة ليليّة.

الفرس حيوان لا يهاب ولا يخاف. الوحش تنّين لا يهاب ولا يخاف. البطل الشّهيد جرجس لا يهاب ولا يخاف.

المشهديّة كلّ جماليّتها مستندة على الجرأة والقوّة والقدرة، تنذر إلى الشّمس ولا تخاف.

المخلّص Le sauveur لا يخاف الموت، الفرس لا يخاف الوحش، الوحش لا يخاف الشّعب. البطل المنقذ بيده رمح الخلاص يغرزه في شدق الوحش ويسفك دمه ويصبح هو الضّحيّة، والضّحيّة ملاك خلاص.

يهاجم الشّهيد البطل مار جرجس على حصانه الأبيض الّذي لا يهاب مثله الموت، ويهاجم الوحش ويضربه برمحه فيقتله وينقذ العذراء الواقفة وحيدة تنتظر الموت وأن تكون قربانًا عن المدينة بيروت.

الوحش- التّنّين يطلع من البحر ليفترس الضّحيّة ويسفك دمها على رمال بيروت.

المشهديّة أو الواقعة أو القصّة أو الاحتفاليّة الحقيقيّة تتمّ على رمال بيروت الّتي ابتلعها البحر مرارًا وقامت من الموت بهيّة.

إنّها الميثة Le mythe الفينيقيّة لطائر الفينيق الّذي ينبعث من رماده إلى الحياة.

هناك حقيقة أساسيّة ما زالت الكنيسة، وخاصّة المشرقيّة، تعترف بمار جرجس شهيدًا عظيمًا وبطلاً في الكنيسة.

عيد مبارك على جميع الّذين يحملون اسم جورج أو جرجس أو جرجي.  

إنّ مار جرجس هو شفيع مدينة بيروت، وفيها الكنائس الجميلة: كنيسة مار جرجس المارونيّة وأخرى أرثوذكسيّة وملكيّة كاثوليكيّة.

نصلّي لينقذ مار جرجس لبنان وعاصمته بيروت من أيّة زلازل أو هزّات أو وباء أو مرض، وبشفاعته ليرسل لنا الله رئيس جمهوريّة جديد لينقذ لبنان".