لبنان
01 نيسان 2022, 11:15

المطران ابراهيم من جديتا: إنّ العالم جميل لكن أجمل ما فيه هو لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
في رعيّة الملاك ميخائيل- جديتا، شارك رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك إبراهيم مخايل إبراهيم، في إطار جولته على رعايا الأبرشيّة في زمن الصّوم، وسط استقبال حارّ عند أوّل الطّريق المؤدّي إلى الكنيسة.

وفي بداية الصّلاة، رحّب كاهن الرّعيّة الأب اليان أبو شعر بالمطران إبراهيم، وقدّم إليه، يإسم الرّعيّة ووكلاء الوقف وأخويّة سيّدة البشارة وشبيبة رسل اليوم والجوقة، صليبًا عربون محبّة وتقدير وعلامة فرح وأمل.

وفي ختام الصّلاة، ألقى إبراهيم كلمة جاء فيها:" إسمحوا لي أن أقول لكم إنّ كنيستكم جميلة جدًّا وخصوصًا أنّها على اسم رئيس الملائكة ميخائيل وهو أحد شفعائي. إن شاء الله الملاك ميخائيل يحرس هذه البلدة وهذه المنطقة والكنيسة.

أشكركم جدًّا على هذا الاستقبال العفويّ الرّائع، أزور جديتا لأوّل مرّة لكنّها تعني لي الكثير وسمعت عنها الكثير وكنت دائمًا أحبّ زيارتها. كنت أسمع أنّها بلدة جميلة جدًّا واليوم سمعت شيئًا مهمّ جدًّا أنّه ربّما بعد زحلة جديتا تشكّل التّجمّع الأكبر للمسيحيّين في المنطقة، وهذا أمر نفتخر به ونطلب من الرّبّ أن يحافظ عليه، لأنّه عندما نتحدّث عن الوجود المسيحيّ في المنطقة لا نكون نقلّل من أهمّيّة أيّ شخص من أيّ دين آخر، لأنّ الوجود المسيحيّ في كلّ الشّرق هو ضرورة اسلاميّة أكثر ممّا هي ضرورة مسيحيّة لذلك أقول إنّ الحفاظ على المسيحيّين في الشّرق هو مسؤوليّة إسلاميّة أوّلاً وبامتياز. وإخوتنا المسلمون يعرفون أهمّيّة بقاء المسيحيّين في الشّرق وهم الأهل الأصليّين للمنطقة، هم صنّاع الحضارة وساهموا بتنوّع الشّرق وغناه.

نحن نصلّي دائمًا على هذه النّوايا الجميلة الّتي تستطيع مساعدتنا على تخطّي الصّعاب.

وفي صلاتنا اللّيلة ردّدنا صلاة إلى مريم العذراء "افتحي لنا باب التّحنّن يا والدة الإله المباركة عسانا باتّكالنا عليك لا نخيب بل ننقذ بك من الشّدائد." وهل هناك زمن شدائد أصعب من الزّمن الموجودين فيه اليوم؟ هذا زمن محنة قاسية جدًّا والصّلاة تجزم وتؤكّد بأنّنا ننقذ بمريم العذراء من الشّدائد، وتكمل الصّلاة "فإنّك أنت خلاص كلّ المسيحيّين" وأنا أقول إنّ مريم العذراء تحبّ أن يُخلّص كلّ النّاس مسيحيّين وغير مسيحيّين. لكن هي بنوع خاصّ تقود الأشخاص الّذين آمنوا بابنها والّذين ينحنون له كربّ وإله، تقودهم نحو يسوع المسيح من أجل الخلاص.  

نحن جميعًا أولاد مريم العذراء، وفي حضنها، والّذي يأتي إلى الكنيسة أو إلى أيّ مؤسّسة أخرى تابعة للكنيسة أو أيّ شخص يعترف بالإيمان بيسوع المسيح ويعتبر نفسه ضمن الكنيسة، لا يجب أن يرجع خائبًا. عليه أن يشعر بمسؤوليّة تضعها العذراء على كاهله بألّا يرجع النّاس خائبين. وهنا ربّما يطرح السّؤال: في هذا الظّرف الصّعب كيف يمكن للنّاس أن تساعد؟ ربّما لا تستطيع المساعدة بالأشياء المادّيّة وهي ليست بالضّرورة الّتي تحدّد مصيرنا، المسيح قالها بصراحة جدًّا "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". والّذين يبذلون الجهود اليوم لعدم انقطاع الخبز في بيوتنا نحن نشكرهم لكن ليس بالخبز وحده نحيا لكن بكلّ كلمة تصدر من فم الله. علينا أن نركّز على الحقائق الإيمانيّة الّتي تساعدنا على تخطّي هذه المرحلة الصّعبة بثبات متكاتفين مع بعضنا البعض ليس فقط لمواجهة الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة الّتي تهدّد المجتمع اللّبنانيّ بأسره وبخاصّة الشّباب والصّغار الّذيي لم يعد لديهم حلم آخر سوى الهجرة وهذا ما يهدّد مجتمعنا وبلدنا أكثر بكثير من الحاجة إلى الرّغيف. وأنا أقول دائمًا وأردّد أنّه لا يوجد امبراطوريّة أو دولة في العالم محتها أزمة اقتصاديّة عن الخريطة، أمّا الّذي يمحو دول وامبراطوريّات فهو الإحباط واليأس وضياع معنى الوجود. وأنا أقول للشّباب دائمًا يجب علينا ألّا ننظر إلى لبنان بمنظار الأزمة الرّاهنة الاقتصاديّة والسّياسيّة والفساد المستشري في البلد لأنّه عندها لا نعود نفتخر بأنّنا لبنانيّون. يجب أن يكون لدينا المقدرة أن ننظر إلى لبنان عبر تاريخه: لبنان الحضارة، لبنان التّاريخ، لبنان القيم، لبنان الأدمغة المميّزة. وإذا نظرنا إلى لبنان بنظرة موضوعيّة منذ البداية وحتّى اليوم يصبح لدينا فخر أن ننتمي إليه. لا تظنّوا أنّه يوجد مكان في العالم أجمل من لبنان، أنا قضيت 35 سنة من عمري في الخارج وأقول لكم إنّ العالم جميل لكن أجمل ما في العالم هو لبنان. بلدة جديتا الّتي تعتبرونها قرية صغيرة هي أهمّ من المدن المبنيّة بالباطون ولا يوجد فيها إنسانيّة. أنتم في أجمل مكان في العالم تمسّكوا بأرضكم وابنوها من جديد، التزموا بإعادة بناء الإنسان في لبنان. ربّما هناك بعض الأشخاص قد يقولون أنّه من الصّعب تحقيق ذلك، لكن في الصّلاة لا شيء مستحيل.

أحببت جديتا قبل أن أعرفها لأنّ طبيبي الخاصّ لمدّة 12 سنة في الولايات المتّحدة الأميركيّة وبعدها 18 سنة في كندا وما زال يتابعني لغاية اليوم هو الدّكتور جورج قيقانو ابن هذه البلدة الّذي احترمه وأحبّه ومن خلاله أحببتكم جميعًا. هذه البلدة فيها إشراق إلى العالم أجمع، أسأل الرّبّ أن يمنحكم القوّة لكي تعطوا أهمّيّة أكثر للعائلة وهنا أتوجّه مرّة جديدة للشّباب، لا تتردّدوا في تأسيس حياتكم وبناء عائلة بسبب الوضع الرّاهن، هذا حكم قاس جدًّا على الذّات، فالرّبّ يعطي لكلّ ولد رزقه ولكلّ عائلة خيراتها. ساعدوا الشّباب بقدر ما تستطيعون وأهمّ شيء هي الطّاقة الإيجابيّة والتّفكير الإيجابيّ الّذي نشأنا عليه، وهكذا نستطيع الخروج من هذا النّفق المظلم الّذي يستحيل أن يستمرّ في بلد كلبنان لأنّ لبنان قهر كلّ الصّعاب وكلّ الأزمات عبر تاريخه وصمد."  

وبعد الصّلاة، أقيم كوكتيل في صالون الكنيسة وقُطع قالب حلوى وأخذت الصّور التّذكاريّة.

وإختتم المطران إبراهيم زيارته إلى جديتا بزيارة كنيسة سيّدة الخلاص برفقة الأب طوني الصّقر والأب اليان أبو شعر وأبناء الرّعيّة، وتعرّف إلى تاريخها وصلّى على نيّة لبنان وخلاصه.