لبنان
29 حزيران 2022, 06:30

المطران ابراهيم في عيد القدّيسين بطرس وبولس: أنتم مدعوّون اليوم إلى زعامة جديدة

تيلي لوميار/ نورسات
إلى "زعامة جديدة": زعامة الخدمة والمحبّة والعطاء والجرأة والشّهادة، دعا رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك إبراهيم مخايل إبراهيم المؤمنين، وذلك خلال ترؤّسه صلاة الغروب وتبريك القرابين في كنيسة القدّيسين بطرس وبولس- كسارة، عشيّة عيدهما، بمشاركة كاهن الرّعيّة الأرشمندريت عبدالله عاصي والأرشمندريت عبدالله حميديّة والأب شربل راشد، وبحضور جمهور كبير من المؤمنين.

وكانت للأرشمندريت عاصي كلمة رحّب فيها بالمطران ابراهيم في زيارته الثّانية إلى الكنيسة، وتحدّث عن أهمّيّة الخطوة الّتي قام بها ابراهيم بالعودة إلى لبنان في هذه الظّروف الصّعبة.

كما كانت كلمة للمطران ابراهيم قال فيها :"أتوجّه بالمعايدة من كلّ الّذين يحتفلون بعيد القدّيسين بطرس وبولس وخاصّة الأرشمندريت عبدالله عاصي، الأرشمندريت عبدالله حميديّة والأب شربل راشد وكلّ هذه الوجوه المشرقة المشاركة معنا في الصّلاة.  

في هذا العيد العظيم رتّلنا ترتيلة من أقدم الصّلوات المسيحيّة على الإطلاق وقلنا فيها :"أيّها النّور البهيّ نور المجد المقدّس، مجد الآب الّذي لا يموت السّماويّ القدّوس المغبوط يا يسوع المسيح." في هذه الصّلاة يناجي المسيحيّون السّيّد المسيح في زمن صعب وخصوصًا في زمن الاضطهادات وفي زمن الحياة تحت الأرض في السّراديب حيث لم يكونوا يعرفوا وقت شروق الشّمس ولا الغروب ويقولون "إذ قد بلغنا غروب الشّمس ونظرنا نور المساء" ونور المساء هو يسوع المسيح. كلّما أظلمت الدّنيا علينا سيشرق نور المساء الّذي هو "الله الآب والإبن والرّوح القدس. إنّه يحقّ في كلّ الأوقات أن يسبّح بأصوات بارّة".

وتردّدت هذه الصّلاة عبر الأجيال. المسيحيّون الّذين عاشوا ليس بالضّرورة في سراديب من صنع البشر لكن في سراديب الرّوح الّتي تغمرها أحيانًا الظّلمة في الظّروف الصّعبة الّتي يرمى المسيحيّون فيها مرّة بعد مرّة وكأنّ إرادة المسيحيّين بأن يعيشوا بكرامة تعلّمهم دائمًا الدّرس الأساسيّ والجوهريّ بأنّ كرامة المسيحيّ قائمة في ايمانه وفي لقياه المسيح في داخله وعقله وفي قلبه، لذلك لا يمكن للمسيحيّ أن يضطهد إذا كان هو ابن الحرّيّة الّتي أعطانا إيّاها الله والّتي لا يستطيع إنسان أن يسلبنا إيّاها.

الأسبوع الماضي كنّا في روما حيث انعقد السّينودس المقدّس لكنيسة الرّوم الملكيّين الكاثوليك في المدينة الخالدة، مدينة بطرس وبولس بامتياز، حيث قدّما حياتهما شهادة للمسيح: أحدهما بالصّلب المعاكس، أيّ الرّأس إلى أسفل، والآخر بقطع الرّأس (القدّيس بولس).

هذان الزّعيمان العظيمان، عاموديّ الكنيسة، ماذا نتعلّم من مثَلَهم اليوم؟  

أصبح لدينا حساسيّة على كلمة زعامة وزعيم، لكن في الكنيسة هناك زعامة من نوع آخر، هناك زعامة بطرس وزعامة بولس، هذه الزّعامة الّتي نحتاج إليها اليوم، زعامة الشّهادة والتّبشير، زعامة العطاء وزعامة محبّة المسيح ومن خلاله محبّة كلّ إنسان في الخدمة.

بولس بنوع خاصّ زار بلادنا وتنقّل بين صيدا وصور وبيروت وجبيل وانطلق في رحلات متعدّدة في البحر وتعرّض للمخاطر من أجل التّبشير بإسم يسوع المسيح. وبطرس الصّخرة الّتي بنى عليها يسوع كنيسته.

الزّعيم هو صخرة، الزّعيم إنسان مناضل ومبشّر، الزّعيم يهوى المخاطر من أجل شعبه ومن أجل محبّة الله، لا يهرب منها بالعكس يهرب نحوها ويتحمّلها بصبر ويعيشها بـ"شفافيّة"، هذا العنوان الّذي لي الشّرف أن آخذه عنوانًا لأسقفيّتي. الشّفافيّة في كلّ شيء إذا ليس هناك في المسيحيّة ما يسمّى "تحت الطّاولة" وخصوصًا لدى الرّعاة والكهنة، على من تخبّئ وأنت تؤمن أنّ الرّبّ يراك في كلّ لحظة، وعن من تخبّئ عن أولادك وأحبّائك، عن الّذين تبغي أن تقودهم نحو المسيح بكلّ قدرتك وكلّ قلبك وعقلك بالمحبّة والخدمة؟ الشّفافيّة هي أحد العناوين الإنجيليّة الرّئيسيّة، يسوع قال ليس هناك سراج يوضع تحت المكيال، كلّ شيء عند الله معلوم ومعروف، ونحن أبناء الله، لذلك علينا أن نقود شعبنا بروحيّة بطرس وبولس وجرأتهم، بمحبّتهم الكبيرة، بتبشيرهم الّذي لم يعرف حدودًا، بعطائهم المميّز حتّى إعطاء الذّات. كانوا على مثال المسيح في كلّ شيء وماتوا على مثاله في العطاء والتّضحية كي يستحقّوا أن يكونوا بعضًا من مجده في قيامته.  

أستغلّ هذه المناسبة لأقول إنّها زيارتي الثّانية إليكم ورأيت الكنيسة ممتلئة بالنّفوس الطّيّبة والوجوه المشرقة، وهذا بالتّأكيد نتيجة تعب وعمل الأب عبدالله عاصي الجذّاب.

أنتم مدعوّون اليوم إلى زعامة جديدة: زعامة الخدمة، زعامة المحبّة، زعامة العطاء، زعامة الجرأة، زعامة الشّهادة. تعبنا من الزّعماء الّذين فهموا الزّعامة خطأ، ولا يستحقّون أن يحملوا لقب بطرس وبولس زعيمي الكنيسة، ليس لأنّنا نحن نحكم عليهم وعلى أدائهم، لكن هم جلبوا هذا القضاء إلى أنفسهم من خلال أنانيّتهم وكلّ ما قاموا به بعكس ما هو مطلوب منهم. الأنانيّة والتّكبّر والكبرياء، الابتعاد عن محبّة النّاس والتّفكير فقط بالمزرعة الّتي يريدون الاستمتاع بها، وتبعد عن أفكارهم فكرة الوطن والمواطنة الصّحيحة والحقيقيّة.

نطلب من القدّيسين بطرس وبولس أن يباركا هذه الرّعيّة وخادمها الأب عبدالله وكلّ من يتعب ويقدّم الخدم. وكل من يسعى إلى زعامة بطرس وبولس في الخدمة والعطاء والشّهادة، آمين."  

وفي ختام الصّلاة، بارك المطران ابراهيم القرابين، وتبادل بعدها الجميع التّهاني بالعيد في حديقة الكنيسة.