دينيّة
27 نيسان 2024, 07:00

الشّعانين: "أُوصَنّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!"

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب رامي ونّوس

 

"لنقدمّن يا إخوة سُعف الفضائل للمسيح الإله القادم ليتألم لأجلنا باختياره كإنسان، ليمنح الجميع عدم التألم بقوة اللاهوت".

 

أحد الشعانين معروفٌ أيضًا بأحد الدخول إلى أورشليم.

كلمة الشعانين تأتي من هوشعنا "يا ربّ خلّص". ويُعتبر أحد الشعانين في الليتورجيا الأرثوذكسيّة مدخلاً إلى الآم المسيح الخلاصيّة وقيامته المجيدة.

يُخبرنا نصّ إنجيل العيد أنّ المسيح جاء إلى بيت عنيا قبل الفصح اليهودي بستة أيام. هناك كان لعازر الذي أقامه يسوع من بين الأموات قبل دخوله إلى أورشليم. ثمّ في الغد دخل ملك السلام إلى مدينة السلام (هذا معنى كلمة أورشليم). دخوله جاء دخولاً سلاميًّا. وكان إعلاناً لماهيّة ملكوت السموات. إنّه ملكوت السلام.

لم يدخل المسيح مثل ملوك الأرض. لم يدخل بعربات وخيلٍ وجنود، بل دخل أورشليم متواضعًا، مسالمًا، وديعًا. فهو إله السلام كما نسمع الرسول بولس في رسالة العيد "إله السلام يكون معكم" (فيليبي ٤: ٩). فالمسيح لم يأتِ بهدف تأسيس ملكوتٍ أرضيٍّ، بل بملكوت السموات. إذ إنّ "مملكته ليست من هذا العالم" (يوحنّا ١٨: ٣٦). 

هكذا تكون قد تحقّقت نبؤة زكريا القائل: "إفرحي يا ابنة صهيون، لأن هوذا ملكك يأتي إليك راكبًا على جحش ابن أتان" (زكريا ٩: ٩).

إحتفلت الجموع بدخول يسوع: "كثيرون فرشوا ثيابهم في الطريق. وآخرون قطعوا أغصانًا من الشجر وفرشوها في الطريق" (مرقس ١١: ٨). هذه عادةٌ معروفة في الحضارات القديمة، إذ كان الملوك يُزفّون بأغصان الشجر علامةً للنصر. لكنّ المسيح زُفّ مسبقًا بالأغصان إشارةً إلى غلبته على الموت.

قلتُ مسبقًا، لأنّ الشعب الهاتف يوم الشعانين "هوشعنا في الأعالي"(مرقس ١١: ١٠)، سينادي لاحقًا أن يُصلب المسيح: "اصلبه، اصلبه" (يوحنّا ١٩: ٦). ومن يفرشون ثيابهم يوم الشعانين، سيتقاسمون ثيابه يوم الصلب (متّى ٢٧: ٣٥). وكأنّ النّاس تريد أن تكون مع المسيح وهو "حسب مفهومهم" ظافرٌ، غير مدركين أن ظفر المسيح الحقيقي كان على الصليب. عندما يكون المسيح "بأضعف هيئة"، يكون غالبًا.

يوم الشعانين يومٌ بهجٌ في حياة الكنيسة، ولكنّه يومٌ مصيري. فكلّ واحدٍ سيُسأل عن موقفه في هذا اليوم. هل سينادي اليوم بفرح "هوشعنا (يا ربّ خلّص)"، ويفهم أنّ الخلاص هو بالصليب، ويترك مفعول هذا الهتاف يغيّر حياته كلّ يوم، أم سيبقى فرحه سطحيًّا آنيًّا مثل الصارخين منذ ألفي سنة؟الربّ يطلب منّا الأمانة له، من يطيع؟

 

فلنحمل اليوم سعف الفضائل حتّى نستقبل المسيحَ حقّ استقبالٍ. هكذا نبارك "الآتي باسم الربّ".