لبنان
29 نيسان 2024, 05:30

الرّاعي: السلطة من دون محبّة ظلمٌ واستبداد

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي قدّاس الأحد الخامس من زمن القيامة، من إنجيل القدّيس يوحنّا الفصل 21: 15 – 19، في الصّرح البطريركيّ في بكركي. وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى الرّاعي عظة بعنوان "يا سمعان بن يونا أتحبّني؟ - إرعَ خرافي" (يو 21: 15). وتمحورت عظته حول موضوع السلطة. جاء فيها:

 

"السلطة الراعويّة التي سلّمها الربّ يسوع لسمعان بطرس قائمة على المحبّة التي تنعشها. كلّ سلطة في الكنيسة، كما وفي العائلة والمجتمع المدنيّ وفي الدولة، تحتاج إلى روح هي المحبّة، من دونها تصير السلطة ثقيلة، وتستسهل الظلم والاستبداد. والجديد في كلام الربّ يسوع في إنجيل اليوم هو أنّ أساس السلطة محبّة المسيح، لأنّ صاحب السلطة، أو المسؤول، الذّي يحبّ المسيح، يحبّ حتمًا خرافه أي جميع الناس الذين افتداهم بدمه. والجديد بالأكثر هو أنّ السلطة الحقيقيّة إنّما هي تجسيد محبّة المسيح الراعي الصالح للخراف. وهذا يشكّل شرف حامل السلطة لكونه يمارسها بشخص المسيح وباسمه: "يا سمعان بن يونا أتحبّني؟ إرعَ خرافي، وإتبعني!" (يو 21: 15 و 19).

  ثمّ، اختتم البرطيرك، رسميًّا، أسبوع الصلاة من أجل  الدعوات قائلًا: " يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيّا الإلهيّة التي نختتم بها أسبوع الصلاة من أجل الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة الرجاليّة والنسائيّة لكي تتمكّن الكنيسة من متابعة رسالتها الروحيّة والراعويّة في الرعايا والأديار، وفي المدارس والجامعات والمؤسّسات الإجتماعيّة والخيريّة والإنمائيّة، وفي الرسالات على اتّساع بلدان الإنتشار. ونصلّي كي يغتني الجميع بمحبّة المسيح، رسول الآب".

  تابع البطريرك الراعي مرحبًّا بالحضور قال:  

"يطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا، وعلى الأخصّ بسفير أوكرانيا الجريحة بالحرب الدامية والهدّامة مع دولة روسيا. نصلّي في هذه الذبيحة الإلهيّة من أجل إنهاء الحرب واستقرار السلام في أوكرانيا، ورجوع شعبها الذي تهجّر، نصلّي لراحة نفوس الضحايا وشفاء الجرحى وتعزية قلوب الحزانى.

كما أوجّه تحيّة خاصّة إلى عائلات وأهالي أعزّاء ودّعناهم معهم بكثير من الأسى وبصلاة الرجاء، وهم أعزّاء على قلبنا أيضًا."

  بعد ذلك، ذكّر البطريرك الراعي رابطة الأخويّات، الأحد الماضي، بيوم لقاء الأخويّات الأمّ في بازيليك سيّدة لبنان-حريصا. "فكان لقاء صلاة شعرنا فيه بأهميّة أخويّاتنا التي تشكّل القلب النابض في الكنيسة، وكنزها الروحيّ والليتورجيّ المصلّي، والحاضرة في عمق حياة الكنيسة ورسالتها، والشاهدة لمحبّة المسيح تجاه العائلات التي تعاني من حالة الفقر والعوز." وتوّجه بالشكر لرابطة الأخويّات بفروعها كلّها، في شخص رئيسها ريمون خوري ومرشدها العامّ الأب جوني حاصباني الأنطونيّ ومجلسها التنفيذي، والمرشدين المحليّين، والمطران الياس سليمان المشرف على الأخويّات."  

  وعمل رأس الكنيسة المارونيّة على توضيح ما جرى في احتفال الأحد الماضي لمّا بدافع الفرح والحماس، عبّر البعض عفويًّا عن ذلك بالرقص، سرعان ما أوقفه المسؤول احترامًا للقربان المقدَّس، من دون التهجّم على من رقصوا مستندًا من جهة، إلى المزمور 150 "سبّحوا الله بصوت البوق، سبّحوه بالعود والكنّارة. سبّحوه بالدفّ والرقص، سبّحوه بالأوتار والمزمار..." (مز 150: 3-4)، ومن جهةٍ أخرى إلى أنّ شعوبًا عديدة تعبد الله حتّى بالرقص، منها الأفارقة، بالطبع، وكم فرح البابوات وابتسموا لذلك، إلّا أنّ الرقص في الكنيسة ليس من تقليدنا المشرقيّ، لذا لا تسمح به الكنيسة ولا يقبله المؤمنون أنفسهم.  

  ثمّ، عاد البطريرك بشارة الراعي إلى مشهديّة شاطئ البحيرة البحيرة حيث سمعان بطرس يعلن ثلاثًا حبّه الشديد ليسوع، والربّ يسلّمه رعاية النفوس التي افتداها بدمه، وكان قبلًا، وفي مشهديّة قيصريّة فيليبّس سلّمه مفاتيح البيعة، الكنيسة بعد أن اعترف بطرس ببنوّة يسوع وبكون ابن الله الحيّ بكشفٍ له من "أبي الذي في السموات"، تابع البطريرك كلامه قال: "نستنتج من هاتين المشهديّتين أنّ السلطة عامّة ترتكز على فضيلتين: الإيمان بالله ومحبتّه. لا يقتصر هذا المفهوم على السلطة في الكنيسة والعائلة، بل يتعدّاها إلى السلطة السياسيّة المؤتمنة على الخير العام الذي منه خير كلّ مواطن، وخير جميع المواطنين. فليفحص المسؤولون المدنيّون والسياسيّون ضمائرهم، إذا كانت في قلوبهم فضيلتا الإيمان بالله ومحبتّه...ليرعوا لبنان وأولاده.  

في الختام، طلب البطريرك الراعي "من الله، إله السلام، أن ينعم على وطننا لبنان بهذا السلام الذي، إذا بنيناه "كنّا حقًّا أبناء الله وبناته" (متى 5: 9). له المجد إلى الأبد."