لبنان
03 نيسان 2023, 14:00

إبراهيم في الشّعانين: هلمَّ نبسط أمام المسيح أنفسنا بالكامل عوض الثّياب أو أغصان الزّيتون

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بقدّاس أحد الشّعانين في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم والأبوين إيلياس ابراهيم وشربل راشد بحضور جمهور كبير من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس كان للمطران ابراهيم عظة قال فيها: "نحن الآن في ختام الزّمن الأربعينيّ، ونرى يسوع اليوم يدخل أورشليم، حيث سوف يتمّ كلّ شيء. يرافقه تلاميذه، ويَبسُط النّاس أَردِيَتَهم على الطَّريق، يصرخون بِأعلى صوتِهِم يمجدون الله على ما شاهَدوا مِنَ المعجِزات الّتي صنعها: "هوشعنا، مباركٌ الآتي، بِاسمِ الرَّبّ!" (لو 19، 38). إستُقبِلَ يسوع بأجواء احتفاليٍّة، جموع، تسبيح، عيد، الكثير من الفرح. لقد منح يسوع الرّجاء لهذه الجموع البسيطة والمتواضعة، شعر بمآسيها، وأظهر وجه الله الرّحيم، إذ شفى النّفس والجسد.  

إنّه المسيح الّذي ينتظره إسرائيل. يدخل أورشليم راكبًا على جحش، ولا ترافقه حاشية أو مواكب كما يفعل المسؤولون لدينا، يخافون من شعبهم ويتنقلون بمواكب امنيّة كبيرة. هل معقول أن نتنقل داخل بيتنا وسط مواكب ومرافقة لماذا؟ لأنّهم يخافون ممّن الشّعب بسبب ما ارتكبوه بحقّه.

المسيح هو الملك الحقيقيّ، الّذي يأتي وديعًا لتحقيق السّلام، ويمنح ذاته لشعبه، يدخل أورشليم ليموت فوق الصّليب. إنّه ليس ملكًا متعجرفًا، بل ملك وديع ومتواضع، يأتي فقط كي يُخلّص شعبه. لا يدخل يسوع أورشليم كملك منتصر؛ إذ مجده لا يشبه المجد الأرضيّ. مجده هو مجد ملك يمنح الحياة، ويُحبّ خاصّته حتّى النّهاية، الملك الّذي يقبل الموت المهين من أجل خاصّته، وهو مقتنع بأنّ تلك هي العظمة الحقيقيّة، وهي القوّة الحقيقيّة الّتي تُغيّر الحياة، وتجلب السّلام.

هذا هو يسوع. هذا هو قلبه الّذي يحتضن الجميع، الّذي يرى أمراضنا، وخطايانا. عظيمة هي محبّة يسوع. وهكذا يدخل إلى أورشليم بهذه المحبّة، وينظر لنا جميعًا! هلمَّ نذهب معًا للقاء من انحدر من السّماء من دون أُبَّهة، ليقيمنا من أعماق الخطيئة وينهضنا بنفسه. إنّه لمشهد رائع يدخل المسيح بمشيئته الحُرّة إلى آلامه المقدَّسة والمباركة ليتمِّم سرَّ خلاصنا، إنّه لمشهد ممتلئ بالنّور، نور محبّة المسيح للإنسان. هذا هو يسوع. ملك فريد للغاية: ملك يحبّ حتّى الصّليب ويعلّمنا أن نخدم، وأن نحبّ.

نحن اليوم نعبّر عن محبّتنا للمسيح وسعادتنا باستقباله بيننا، يسوع حاضر فينا ومعنا، حاضر في وسطنا، كصديق، وكأخ، كملك، ليضيء حياتنا. يسوع هو الله، يسير معنا. فلا يمكننا أن نكون بائسين أبدًا! ففرحتنا لا تنبع من امتلاك أشياء كثيرة، ولكنّها تنبع من لقائنا مع شخص: يسوع، الّذي في وسطنا، تنبع من معرفة أنّنا معه لسنا أبدًا وحيدين، حتّى في الأوقات الأكثر صعوبة الّتي تمرّ علينا وعلى وطننا لبنان، حتّى عندما تتعثّر مسيرة حياتنا أمام المشاكل والعوائق الّتي تبدو مستعصية، وما أكثرها اليوم! في هذا تكمن فرحتنا الحقيقيّة، ويكمن الرّجاء الّذي يجب أن نحمله في عالمنا هذا. هذا الرّجاء الّذي يمنحنا إيّاه يسوع. هلمَّ نقول للمسيح: "هوشعنا، مبارك الآتي باسم الرّبّ". هلمَّ نبسط أمامه، لا الثّياب أو أغصان الزّيتون، بل أنفسنا بالكامل".  

وفي نهاية القدّاس ترأّس المطران ابراهيم رتبة تبريك أغصان الزّيتون وأقيم زيّاح الشّعانين حول مطرانيّة سيّدة النّجاة بمشاركة الأهالي والأطفال الّذين رفعوا الشّموع وأغصان الزّيتون وسط ترنيم الجوقة وقرع الأجراس.