سوريا
27 تشرين الثاني 2023, 08:50

أبرشيّة حلب للسّريان الكاثوليك احتفلت باليوبيل الكهنوتيّ لرئيس أساقفتها مع البطريرك يونان

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة اليوبيل الكهنوتيّ الذّهبيّ لرئيس أساقفة حلب المطران ديونوسيوس أنطوان شهدا، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بالقدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة سيّدة الانتقال- العزيزيّة- حلب، عاونه به المطران المحتفى به، ولفيف من المطارنة، بحضور بطريرك الرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ، والسّفير البابويّ في سوريا الكاردينال ماريو زيناري، ومطارنة من الكنائس الكاثوليكيّة في سوريا، ورؤساء مختلف الكنائس في حلب، وعدد من الآباء الخوارنة والكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات من مختلف الكنائس في حلب، وجموع غفيرة من المؤمنين.

بعد الإنجيل، ألقى يونان عظة بعنوان "نعمًّا يا عبدًا صالحًا وأمينًا، كنتَ في القليل أمينًا، فأنا أقيمكَ على الكثير، أدخل فرح سيّدك"، قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "نحن الآن في جوّ من الفرح، أوّلاً لأنّنا في بيت الله، وثانيًا لأنّنا أبناء وبنات الله، جماعة الكنيسة الّتي تلتقي وتجتمع أمام مذبح الرّبّ، قدس الأقداس، لكي تشارك في الذّبيحة الإلهيّة الخلاصيّة، وثالثًا لأنّنا جئنا جميعنا، أصحاب الغبطة والنّيافة والسّيادة، والكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات، والمؤمنون الأحبّاء، والأهل والأصدقاء الّذين رافقوا سيادة المطران مار ديونوسيوس أنطوان في مسيرته نحو المذبح، أيّ مسيرته الكهنوتيّة والأسقفيّة على مدى خمسين عامًا.

إنّ قلب سيادته مليء بالشّكر لله تعالى، أبينا السّماويّ، وللرّبّ يسوع الّذي اختاره ليكون كاهنًا يتفانى في خدمة الرّعيّة، إن كان هنا في حلب، وإن كان في فنزويلا، وأسقفًا ورئيس أساقفة هنا على أبرشيّة حلب السّريانيّة الكاثوليكيّة. ومع سيادته نشترك في رفع آيات الشّكر للرّبّ يسوع الّذي قال لنا: أنا اخترتُكم وأقمتُكم لتأتوا بثمار وتدوم ثماركم.

جميعنا نلهج بالشّكر لصاحب الغبطة أخينا البطريرك يوسف العبسيّ، الّذي جاء ليشارك في اجتماع مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة في سوريا، ويشاركنا في هذه الفرحة، وغبطته احتفل أيضًا هذا العام بيوبيله الكهنوتيّ الذّهبيّ. من كلّ قلبنا نقول له: شكرًا سيّدنا.

ونشكر صاحب النّيافة الكاردينال ماريو زيناري السّفير البابويّ الّذي احتفل هو أيضًا بيوبيله الكهنوتيّ الذّهبيّ منذ سنتين، كلّ التّهاني لنيافته.

"افرحوا بالرّبّ"، هذا ما يقوله لنا مار بولس، ونتعجّب ونقول: هل يا تُرى نحن في زمن الفرح في هذه العتمات من الأزمة في بلدنا العزيز سوريا، وأنتم اختبرتم أنواع التّفجير والهدم والقتل والتّهجير، إن كان على يد تلك العصابات الّتي أرادت أن تقلب سوريا رأسًا على عقب دون ضمير يردعها، وإن كان الزّلزال الّذي عرفناه قبل تسعة أشهر في شباط الماضي.

نعم، سنبقى شعب الفرح، لأنّنا نعلم أنّنا في مسيرتنا نحو الرّبّ، ونحو العذراء مريم، شفيعة هذه الكاتدرائيّة، طال الزّمن أو قصر، مهما كان فنحن شعب الفرح، لأنّنا شعب الرّجاء.

سيّدنا مار ديونوسيوس أنطوان خدم الكنيسة بكلّ قلبه وقواه وتضحياته. نعم، يقرّ سيادته أنّه ليس كاملاً، لأنّنا جميعنا نحتاج إلى الكمال، ولكنّه منذ أن دخل الإكليريكيّة، وأتذكّر أنّي كنتُ زميلاً له، ثمّ مسؤولاً عنه من عام ١٩٧١ حتّى يوم رسامته كاهنًا عام ١٩٧٣. كنّا نتوق دومًا كي نخدم الرّبّ ونخدم الكنيسة، وكنّا متحمّسين كي نكون الرّسل الّذين يبذلون كلّ ما بوسعهم لنشر إنجيل المحبّة والسّلام.

نهنّئ سيادته من كلّ قلوبنا، ونعده أن نصلّي من أجله، وأن نرافقه في خدمته الأسقفيّة لهذه الأبرشيّة الّتي نعلم كلّنا أنّها أبرشيّة شاهدة وشهيدة، كما سائر الأبرشيّات، إن كان في حلب، ونشكر جميع إخوته رؤساء الأساقفة والأساقفة المشاركين معنا، وإن كان في سوريا عامّةً، لأنّنا اجتمعنا هنا كي نفكّر ونتأمّل ونتشاور في كيفيّة خدمة كنيستنا الكاثوليكيّة هنا في سوريا.

وبالطّبع كراعٍ صالحٍ عليه أن يفكّر بالقطيع، كما خدم القطيع منذ سيامته، وسيامته الأسقفيّة قاربت ٢٣ سنة، خدم خلالها هذه الأبرشيّة مع إخوته الكهنة الأفاضل، وسعى جهده في أيّام المحنة والألم أن يكون دائمًا الرّاعي الّذي لا يترك قطيعه، وهذا ما شهدناه كلّنا من رؤساء الكنائس في سوريا الشّهيدة كما سبق وقلت.

نسأل الرّبّ أن يكون دومًا ملهمًا لسيادته، كي يتابع هذه الخدمة مع إخوته الأساقفة الّذين أتوا من أبرشيّات سوريا، من دمشق وحمص والحسكة، كما سائر رؤساء الأساقفة والأساقفة أعضاء سينودسنا السّريانيّ الأنطاكيّ المقدّس، حتّى نكون حقيقةً أولئك الخدّام الأمناء للرّبّ وللكنيسة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة الانتقال، ومار أنطونيوس شفيع سيادته، وجميع القدّيسين والشّهداء، آمين".

وقبل البركة الختاميّة، تلا الخوراسقف منير سقّال كلمة البركة الرّسوليّة الّتي بعث بها البابا فرنسيس إلى المطران أنطوان شهدا بهذه المناسبة، وفيها عدّد مآثر خدمته في حلب وفنزويلا، داعيًا له بالصّحّة والاستمرار بالخدمة والرّعاية الصّالحة، ومهنّئًا إيّاه بهذا اليوبيل.

ووجّه المطران أنطوان شهدا كلمة شكر قال فيها: "كلمة شكر أقدّمها لربّنا تعالى وللعذراء مريم شفيعة كاتدرائيّتنا هنا في حلب وفي فنزويلا، أشكرهما لأنّهما أعطياني الحياة كي أكون كاهنًا، أولَد كاهنًا، وأخدم كاهنًا، وأكمل هذا المشوار الصّعب خلال خمسين سنة موزَّعة بين شعب حلب وشعب فنزويلا، ثمّ شعب حلب مرّة ثانية.

أشكر أوّلاً صاحب الغبطة مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، بطريركنا المغبوط، أشكر غبطته كما ذكر في موعظته، لأنّنا ترافَقْنا في الإكليريكيّة لزمن، وفي سنة ١٩٧١ كان مسؤولاً عنّي، وكان مديري في السّنتين الأخيرتين، وصار إشبيني في رسامتي الكهنوتيّة، ثمّ إشبيني في رسامتي الأسقفيّة. أشكره، وأسأل الله أن يديمه بالصّحّة والعافية، وهو الرّاعي الصّالح لكنيستنا.

أشكر صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسيّ، وقد كنّا زملاء في الإكليريكيّة معًا، هو في دير البولسيّين وأنا في شرفة حريصا، التقينا وعشنا فترات طويلة، ورُسِمْنا كهنة تقريبًا معًا في فترة واحدة، كنّا ولا نزال أصدقاء، سيّدنا البطريرك العبسيّ شكرًا لحضورك معنا.

أشكر نيافة الكاردينال ماريو زيناري لحضوره معنا ونقله بركة قداسة البابا فرنسيس لنا في هذه المناسبة المبارَكة.

بعدما رُسِمْتُ كاهنًا على هذا المذبح، بدأتُ رسالتي في حلب، فخدمتُ ستّ سنوات هنا، ثمّ خدمتُ في فنزويلا ٢٢ سنة. ولكنّ ربّنا أراد أن أعود إلى حلب، وكما قلتُ في رسامتي الأسقفيّة الّتي تمّت أيضًا هنا على هذا المذبح: لم أكن أحلم يومًا أن أترك حلب، ولم أكن أحلم أن أترك فنزويلا، فكانت هناك وحدة حال بالقلب للخدمة الجماعيّة.  

وبعد انتخابي رئيس أساقفة لحلب، أشكر مجمعنا السّريانيّ الأنطاكيّ المقدّس الّذي انتخبني لهذه الرّسالة الصّعبة، وأشكر ربّنا تعالى لأنّه أعطاني الإمكانيّة كي أُتِمَّ هذه الرّسالة حتّى اليوم، وإذا أعطاني عمرًا أكثر، سأخدمكم أكثر، وفي ١٦ كانون الأوّل القادم سأكمِل ٢٣ سنة في الخدمة الأسقفيّة.

أشكر كهنة الأبرشيّة الّذين عشتُ وعملتُ معهم منذ أن أصبحتُ مطرانًا، الّذين تُوفُّوا، أسأل الله أن يرحمهم، والعاملون معي، أسأله تعالى أن يباركهم، وسنبقى نتعاون يدًا واحدة لخير الأبرشيّة.

أشكر مجلس أساقفة حلب المسكونيّ، من كاثوليك وأرثوذكس وإنجيليّين، ونحن نتعاون معًا لخدمة هذه المدينة المحبوبة، حلب الطّيّبة.

أشكر جميع اللّجان الّتي عملتُ معها، دون ذكر أيّ لجنة، الجميع تعبوا في الأبرشيّة، تعبوا معي، وعملنا سويّةً بروح انفتاح وديمقراطيّة شفّافة، وهم يعرفون ذلك، وقد يؤيّدونني بالكلام. فأنا أعمل حتّى أُظهِرَ رسالتي الكهنوتيّة في كلّ خدمة أدّيتُها، الخدمة بمحبّة حتّى الموت.

أشكر كلّ اللّجان والأخويّات والجوقات والشّعب الحاضر، أعضاء جوقة سيّدة الانتقال، وأعضاء جوقة مار أفرام، وهم يبدعون في خدمتهم التّرنيميّة في كلّ مراحل السّنة الطّقسيّة، وفي كلّ الاحتفالات، ولاسيّما الرّيسيتال الّذي أتحفَتْنا به البارحة جوقة مار أفرام. أشكرهم وأشكر الأب جورج صابونجي على تحضيره وإعداده هذا الرّيسيتال.

أشكر كلّ إخوتي الكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات والمكرَّسين في حلب. كلّكم في قلبي، وكلّكم محبّتكم كبيرة فيّ، فليبارككم الرّبّ جميعًا.

أشكر المسؤولين والأعضاء في الكشّاف الّذين تعبوا معنا في هذه الخدمات طوال السّنة، وأشكر كلّ الحاضرين معنا كشعب مؤمن. جميعكم أحبّائي، وأنتم في قلبي، وإن شاء الله تكونون راضين عليَّ وعلى خدمتي.

فلنتسامح ونطلب السّماح من الّذين أخطأنا بحقّهم، بارككم الرّبّ وحرسَتْكم العذراء.

أختم بمفاجأة من غبطة أبينا البطريرك، أسأل الله أن تكون سبب خير وبركة ونعمة للمستفيدين منها. وشكرًا."

ثمّ تلا المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة نصّ المرسوم البطريركيّ الّذي بموجبه منح البطريرك كلّاً من الأب جورج صابونجي، كاهن رعيّة مار أفرام السّريانيّ في حلب، والأب رزّوق حنّوش كاهن رعيّة سيّدة الانتقال في حلب، إنعام لبس الصّليب المقدّس تقديرًا لخدمتهما المتفانية.

بعدئذٍ أقام البطريرك يونان تشمشت (خدمة) الصّليب، وخلالها ألبس كلّاً من الأبوين جورج ورزّوق الصّليب المقدّس في جوّ من الفرح الرّوحيّ ووسط تصفيق الحضور والزّغاريد.

وألقى الأب رزّوق حنّوش كلمة شكر فيها البطريرك يونان باسمه وباسم الأب جورج صابونجي، سائلاً الرّبّ أن يديمه بالصّحّة والعافية، مهنّئًا المطران أنطوان شهدا بهذه المناسبة، وداعيًا له بالعمر المديد.

بعد القدّاس، تقبّل المطران شهدا التّهاني في صالون المطرانيّة.